يكون أو لا يكون…الخطأ الطبي
أطلس توداي: لطيفة بجو
متى ستنتهي معاناة المواطن المغربي في المجال الصحي؟
ومن يتحمل مسؤولية الخطأ الطبي؟
وهل هناك نصوص قانونية خاصة بالمسؤولية المدنية عن الأخطاء الطبية؟
ومتى تتدخل الجهات المعنية من أجل حماية المرضى من جشع بعض الأطباء، ومساءلتهم عن الأخطاء التي قد يرتكبونها خلال مسيرتهم المهنية ؟
أسئلة متعددة تراود كل مواطن مغربي كلما اضطرته ظروفه الصحية لولوج مستشفى عمومي أو مصحة خاصة.
تعود مرة أخرى إلى الواجهة قضية معاناة المواطن المغربي مع المرض ومع الأخطاء الطبية التي يرتكبها بعض مزاولي مهنة الطب. فقد توفيت قبل يومين، للأسف، الطفلة سلمى التي انتشرت قضيتها قبل أشهر على منصات التواصل الاجتماعي. كانت المتوفية على ما يبدو ضحية خطأ طبي خلال عملية لإزالة اللوزتين، وهي العملية التي تسببت للمريضة في مضاعفات صحية أصيبت على إثرها بالشلل وفقدان البصر.
ربما هي كثيرة القضايا المماثلة لقصة الصغيرة سلمى، ولكننا لا نسمع عنها لأنها لا تنتشر عبر مواقع التواصل، ولا تبلغ قبة البرلمان كما كان الشأن بالنسبة لقصة الطفلة؛ صحيح أنها لا تصل كلها حد الوفاة، ولكن من الضحايا من يعاني عاهات مستديمة. فقد خرج مؤخرا، عبر مواقع التواصل، مريض يشكو من تهرب طبيب من تحمل مسؤولية ما وقع معه بعد عملية جراحية أجراها له على مستوى فخده، نتج عنها عجز حركي لدى المعني بالأمر. وحسب المريض، فإن نفس الطبيب كان في وقت سابق قد أكد له أنه هو المسؤول عن حالته الطبية الحرجة إثر خطأ داخل غرفة العمليات، واتفق معه أنه سيتكفل بعلاجه مقابل ألا يخبر أحدا بقصته.
فمن يحدد إن كان ما وقع للمريض نتيجة خطأ طبي أم إهمال؟ هل تخضع هذه الأخطاء للقواعد العقدية بشروط وعقد بين المريض والطبيب؟ كيف السبيل لإثبات أي خطأ أو تقصير أو إهمال طبي أو محاولة شراء صمت المريض وطي الملف؟ إن المواطن المغربي يجهل كل حقوقه بهذا الخصوص، بل نكاد نجزم أن الأغلبية لا يعلمون بوجود قواعد منظمة، وأنه يوجد ما يسمى الخطأ الايجابي والخطأ السلبي، أو إذا كانت هناك نصوص جنائية خاصة بالأخطاء الزجرية التي يرتكبها الأطباء. وللإشارة، فإنه يمكن أن يتحمل الطبيب المسؤولية المدنية و/أو الجنائية؛ مع العلم أن إثبات الخطأ الطبي غير كافٍ من أجل إدانة الطبيب، إذ يتم فتح تحقيق جديد للتأكد من وجود صلة بين الخطأ الذي ارتكبه وبين الضرر الذي لحق بالمريض. بإمكان المتضرر إذن تقديم شكوى ضد الطبيب أو المؤسسة الصحية المسؤولة عن الخطأ الطبي. وفي حالة ما تم إثبات هذا الخطأ، سواء كان في التشخيص أو الجراحة أو في الوصفة العلاجية أو غيرهم، فإنه يقدم دعوى قضائية تستند إلى القوانين العامة المتعلقة بالمسؤولية المدنية والجنائية، والتي تتضمن تعويضات مالية للمريض المتضرر أو عقوبة حبسية قد تصل 5 سنوات في حق المسؤول عن القتل غير العمدي.
لسنا هنا في موقف اللائم أو المعاتب أو المصلح الاجتماعي، وإنما هي أفكار تخطر ببال العديد من المغاربة ومتتبعي ما يحدث في المجال الصحي. وَكَم سيثلج صدرهم لو تتدخل السلطات للتحقيق بين الفينة والأخرى من كون كل ممتهني الطب والجراحة بالمغرب، قد درسوا الطب فعلا، أم أنهم مجرد مستثمرين يوظفون أموالهم في مجال مُدر للأرباح وعلى حساب صحة المواطن، متطفلين بذلك على المجال، كما تطفل قبلهم آخرون على المحاماة، وبالتالي فإن ذلك يتسبب في تشويه سمعة باقي مهنيي المجال الطبي.
كل هذا حتى لا تصبح مزاولة مهنة الطب مهنة من لا حرفة له، وكغيرها من المجالات الأخرى التي لا تستدعي مزاولتها أي دراسة أو تدريب أو خبرة، لأنها تُكتسب مع الممارسة.