مجتمع

ذكرى المولد النبوي الشريف: سلا بدون موكب الشموع

أطلس توداي : لطيفة بجو

إنه احتفال ينتظره أتباع الزاوية الحسونية، ومعها الشرفاء الحسونيون بسلا. احتفال بذكرى عيد المولد النبوي الشريف الذي اعتادت الزاوية تخليده بتنظيم مهرجان فني وديني كل سنة.
إنه موكب الشموع البهيج الذي ينظم ليلة العيد، أي يوم 11 ربيع الأول من كل عام. لكن الظروف التي عاشتها بلادنا منذ 8 شتنبر الماضي بسبب الزلزال الذي ضرب المغرب، حالت دون الاحتفال بهذه المناسبة بالطريقة المعتادة، وذلك تضامنا مع كل الشهداء والمنكوبين؛ فقد قررت الزاوية هذه السنة تعليق كل الأنشطة التي كانت قد برمجتها واختصرت الاحتفال في تخصيص ليلة العيد لقراءة القرآن الكريم والسلكة والذكر والمديح الصوفي وسرد الأشعار.
يعود تنظيم أول موكب للشموع، أو كما يطلق عليه أهل مدينة سلا “دور الشمع”، إلى 5 قرون مضت، أي إلى زمن حكم الدولة السعدية لبلادنا، وبالضبط إلى فترة حكم السلطان أحمد المنصور الذهبي. تقول المصادر أنه كان قد حضر استعراضا مماثلا للشموع في تركيا وهو لازال وليا للعهد، فأبى إلا أن ينظم مثله بالمغرب عند توليه حكم المغرب. وهكذا، فقد تم تنظيم أول موكب بمدينة سلا سنة 986 هـ، ولازالت الشموع تصنع تقريبا بنفس الطريقة التقليدية، حيث يتم إنتاجها بمختلف الألوان والأحجام، ويصل وزنها 50 كلغ. تُصب على هياكل خشبية على شكل صوامع وقباب، مستوحاة من الهندسة المعمارية الإسلامية، لتزين بعد ذلك وتطرز وتكتب عليها عبارات مثل “الله” و”الصلاة على محمد”.
ينطلق موكب الشموع مباشرة بعد صلاة عصر يوم 11 ربيع الأول، من السوق الكبير قرب دار صانع الشموع، يتقدمه نقيب الزاوية الحسونية، ويجوب أهم شوارع سلا إلى ساحة الشهداء ليصل إلى دار الشرفاء أخيرا، في أجواء موسيقية حيث يسمع الغناء ودق الطبول، لكنها روحية أكثر منها بهرجة موسيقية، وتستمر الاحتفالات مدة أسبوع كامل. يتم تعليق الشموع بضريح الولي الصالح بن حسون عشية عيد المولد النبوي الشريف وتبقى هناك 11 شهرا، إلى أن يتم نقلها مرة أخرى شهرا قبل الذكرى الجديدة إلى مقر صانع الشموع ليعيد تزيينها وتطريزها. وقد تعاقبت عبر السنين عدة أسر على عملية التزيين والزخرفة هاته، منها عائلة بلكبير وأوبيا والمير والحسيني والمرنيسي وشقرون…
إن تزامن المناسبة هذه السنة مع الكارثة الطبيعية الذي ضربت منطقة الحوز ببلادنا أدت إلى إلغاء كل المهرجانات والتظاهرات، لكن مناسبة عيد المولد النبوي الشريف ستشكل فرصة للدعاء بالشفاء العاجل لكل المصابين وللترحم على أرواح كل من فقدوا حياتهم. رحم الله أمواتنا وشهداءنا، وكل عام وأنتم بألف خير.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى