صحة وعلوم

من ينصف الصيادلة؟

أطلس توداي: لطيفة بجو

يبدو أن الأزمة بين صيادلة المملكة والوزارة الوصية على قطاع الصحة على وشك الوصول إلى نهايتها، أو على الأقل، هذا ما يستنتج من اللقاء الذي جمع يوم الخميس الوزير ايت الطالب بممثلي المركزيات النقابية لقطاع الصيدلة.

وكان الصيادلة قد قرروا تصعيد احتجاجاتهم وخوض إضراب جديد، بعدما وصلوا إلى الباب المسدود في مفاوضاتهم مع الجهات الحكومية المسؤولة، فأعلنوا أن أبواب صيدلياتهم ستبقى مغلقة طيلة يوم 13 أبريل الجاري، على أن يليها إضراب آخر ليومين، وقد يصبح مفتوحا إذا لم يتم التوصل لأي اتفاق.

حسب تصريحات بعض الصيادلة، فإن آخر التقارير تفيد أن مئات الصيدليات بالمغرب ستعلن إفلاسها قريبا أمام صمت الحكومة وتجاهلها لمطالبهم، خصوصا بعد إعلانها عزمها على إصدار مرسوم وزاري يحدد أسعار الأدوية دون أي استشارة لممثلي الصيدليات. يؤاخذ الصيادلة الحكومة أيضا على عدم اعترافها بهم كشريك أساسي من أجل النهوض بهذا القطاع، وحتى لا يعاني الصيدلي الذي أصبح يعيش في وضعية هشة. وقد تفاقم هذا الوضع خصوصا عندما تم تقليص هامش ربحه نتيجة التخفيض الذي عرفته أسعار العديد من الأدوية. يرى الصيادلة أنهم يتعرضون لحملة مغرضة مليئة بالكذب والمغالطات، نتج عنها نعت العديد من المواطنين لهم بنعوتات قبيحة، ولم يشفع لهم قربهم من هؤلاء. فلا يختلف اثنان على أن الصيدلي هو “أول مستشار طبي للمواطن”، حيث يقصده أغلب المرضى قبل التوجه إلى الطبيب أو المستوصف أو المستشفى. 

إن التصعيد الحالي للصيادلة يأتي بصفة خاصة كرفض لما جاء في تقرير المجلس الأعلى للحسابات لسنة 2021 والذي أشار إلى أن هامش ربح الصيدلي يتراوح ما بين 47 و57% حسب فئة الأدوية (هناك 4 فئات)، هامش يفوق بكثير ما يحققه نظراؤهم بعدة دول أوربية. وهو الأمر الذي يكذبه الصيادلة، معتبرينها أرقاما ومغالطات تستدعي التصحيح، كما جاء على لسان أحد الصيادلة، لأن ذلك يشوه صورتهم لدى المواطنين الذين نعتوهم “بالإقطاعيين” بعد نشر هذا التقرير. كما أشار إلى أن الصيادلة الذين تمت مقارنتهم بهم يستفيدون، على سبيل المثال، من تعويضات على كل علبة دواء جنيس أو وصفة طبية يصرفونها، وعلى كل مداومة يقومون بها، وبالتالي فإن هامش ربحهم يبلغ 139% مقارنة مع صيادلة المملكة.

وفي نفس الإطار، أوضح مسؤول بإحدى ممثليات الصيادلة بأن أقصى ما يربحه الصيدلي المغربي هو 400 درهم خام، وتهم أدوية الفئة الرابعة التي تتراوح بين 3000 و90000 درهم، حيث لا يتبقى للصيدلي في النهاية إلا 0,004%، أو بمعنى أصح 40 درهما فقط. ثم أن ما يجهله أغلب المواطنين هو أن تحديد أثمنة الأدوية لا يتم بطريقة عشوائية وإنما عن طريق مرسوم، حيث أن الشركة المستوردة للدواء هي التي توجه هذا الأمر خلال اجتماعات لجنة ما بيوزارية، انطلاقا من ثمن المُصنع، دون احتساب الرسوم. يتم إذن تحديد ثمن البيع للعموم بعد إضافة المُعامل الربحي للشركة الموزعة والمعامل الربحي للصيدلي ثم الضريبة على القيمة المضافة. وبعدها يُحدد الهامش الربحي للصيدلي حسب الفئة التي ينتمي إليها الدواء.

يعزي بعض الصيادلة المشكل القائم بينهم وبين الحكومة إلى سعي هذه الأخيرة إلى الحفاظ على توازنات صناديق الائتمان، وأنها لهذا الغرض، ستمس بمصالح الصيادلة فقط، في حين أن تعويضات الصناديق تهم أيضا جهات أخرى كالأطباء والمصحات. ففي الوقت الذي يتم فيه رفع التعريفة الوطنية الخاصة بالمهن الأخرى، تعمد الحكومة إلى تخفيض هامش ربح الصيادلة.

إن فتح باب الحوار مجددا بين الطرفين هو إجراء ايجابي، خصوصا وأن لقاء الخميس كان مناسبة للسيد الوزير للتصريح بأن مقارنة الصيدلي المغربي بنظيره الأوربي كانت غير عادلة وغير منصفة في حقه.

وفي انتظار توصل الطرفين لحلول من شأنها النهوض بالقطاع الصيدلاني الوطني وإنقاد 3 آلاف مهني من الظروف الاقتصادية الصعبة التي يعيشونها، سنتابع بكل أسف وقلق أيضا في الأيام والأسابيع القادمة حلقات المسلسل القائم بين الصيادلة والجهات الحكومية المكلفة بالصحة. وسيبقى المواطن هو الضحية الأولى إذا تشبثت كل جهة بمواقفها، والصيدلي كضحية ثانية إذا هو لم ينجح في الدفاع عن مصالحه في وجه من “يحاولون الإجهاز على هذا القطاع”، حسب ما جاء على لسان مسؤول في تمثيلية نقابية للصيادلة.

فهل سيلغي الصيادلة إضراب يوم 13 أبريل الجاري؟ وهل من منصف لهم؟ 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى