ديربي الكاك و النهضة..ديربي الحب و الغضب
أطلس توداي: واشنطن -محمد الجامعي-
اذا سألت عن المدينة سيحكون لك عن جمال طبيعتها ، الغابة ، البلوط البحر و النهر و بحيرة سيدي بو غابة احدى محطة الطيور المهاجرة المفضلة .
و اذا حلقت فوقها سترى بأم عينيك نبات السّمّار والقصب يتناسلان بشكل طبيعي على ضفة سبو و الميناء النهري وقد انتصبت في قلبه أبراج الحبوب الشاهقة، التي أضحت مسكنا مريحا لطائر اللقلاق .
عاشت مدينة القنيطرة منذ الإستقلال عصرا ذهبيا في كرة القدم حتى اصبحت معروفة بالحمض النووي لهذه اللعبة وبصناعة اساطير و لاعبين دوي المهارات الكبيرة و الإبداع
استمرت هكذا في عهد الكاك. والنهضة و فرق عددة في القسمالثالث كالتقدم و النجوم و المعلمين الى ان ضهرت اجاكسالقنيطري التي جاءت بمولود جديد اسمه كرة الصالات ، عرفت بها لتصبح شغفا، و عنوانا و رمزا و خلقت من الضعف قوةضخمة وكسبت شعبية أولائك الدين يتذوقون الفرجة والمهارات و نشروها كي تنتمي إليهم .
إنها كرة الصالات الثي ستبقى ملك أناسها و ثروة أبناء وشبان حلالة الذين لا يملكون شيئًا ، فقط ذلك الشغف الذيتحول يوما إلى جنون داخل الصالات ، أو قاعة الرقص كما كانيطلق عليها بشكل محبب في كولوميا و كل دول أمريكا الجنوبية ليس انغماسا في متاهات التكتيكات والتقنيات، وليس انتصارا وانكسارا، ولا حتى ركوبا على صهوة النوستالجيا والتباهي بالأمجاد والمفاخرة بالبطولات ، بل هو “حب جارف” يكتسح أجواء مدينة حلالة ، كما تكتسح قطرات الندى خدود الأزهار الفيحاء، فتقسمها إلى عشاق ومعجبين ومتيمين ..
عشاق بعضهم مهووس بحب اجواء لوفيلاج الأحياء الراقية حيث لا تزال بصمة الفرنسيين و الأمريكيين واضحة تتمثل في شوارع و ارصفة واسعة و مقاهي و حانات كثيرة مجملها سمية بلغة المستعمر كا 007 و إيلدورادو و مماس و فندق أوروبا و لاروطند و ساكنتها كانت من الطبقة الميسورة و قد صبوا حبهم على النادي القنيطري او الكاك كما كانوا يسمونه من كثرة تأثير لغة المستعمر انذاك .اما البعض الآخر متيم بـحي العلامة و دار الشباب و لابيطا هذه كلها احياء شعبية للطبقة الفقيرة التي كانت تحب النهضة القنيطرية ، وبين تفاصيل “هذا و ذاك
ولد ديربي الحب و الغضب بين النهضة و الكاك .
فعندما تحلّق بالطائرة ، فوق مدينة القنيطرة ، بإمكانك النظر إلى الأسفل، عندها سترى
قمة الفرق بين الحي الميسور و الأحياء الضعيفة و اولاد الدوار كما كانوا و لا يزالون يسمونهم حتى الآن
الديربي” لم تكن صفاته شبيهة بـدربي الوداد و الرجاء لأنه تحوّل إلى “دربي”فيه حب و غضب .. ديربي يشكل الصراع بين طبقتين ، طبقة الشعب الفقير الذين يمثلون نادي النهضة القنيطرية والطبقة البورجوازية التي يعكسها البرجوازية .
و بالرغم من الفرق الشاسع بين الطبقتين “فالديربي كان واحد من أشهر الدربيات في المغرب ، تُمثل هذه المباراة الصراع بين الطبقة الكادحة والطبقة الراقية ، سيتساءل البعض لماذا ؟؟
الجواب هو ان كل نادي كانت له تقاليد ، فجماهير النهضة كانت فقيرة و تراهم يذهبون إلى الملعب مشيا على الأقدام و عن طريق الدراجات الهوائية، على عكس جماهير الكاك التي كانت من الطبقة الميسورة و تستخدم وسائل النقل الخاصة ، كالسيارات ، و من باب المزح و التقشاب كان جمهور الكاك يسمون فريق النهضة بحديقة الحيوانات لسبب ان اسماء ثلاتة من لاعبيه كانوا يلقبونهم بقطة و الدوييب و ازهر القرد وهذه الفجوة بين الطرفين انتهت في القرن العشرين من عقد التسعينيات بالتزامن مع سقوط النهضة الى القسم الثاني و تدحرجها تواليا الى أقسام الهواة لكن الكره الكروي والعداوة بين الطرفين لم ينتهِ، في حدود الاحترام و الحب المتبادل لا يزال قائما حتى زمننا هدا ، فهناك محبين قدامى للنهضة لا يزال اللون الأصفر المفضل لديهم و محبي الكاك لا يفارقهم اللون الأخضر رغم تراجع مستوى الفريقين في السنوات الأخيرة و لم يعد هناك ديربي يجمع بينهما على المستطيل الأخضر بل لا يزال قائما و يجمع بين المحبين في المقاهي ، هكذا حافظ الجمهور القنيطري العاشق لكرة القدم على قيمته الفريقين ، وبقي محطّ أنظار الجماهير في كل مكان، الديربي الذي يرحل فيه من يرحل و يأتي فيه من يأتي ويغيب عليه من يغيب سيضل يحتفظ به كل القنيطريين و ذكرياته لا تزال راسخة في اذهانهم لغاية اليوم.
انها ظاهرة رياضية صحية تنتمي لناسها اولاد حلالة ، وسط الملعب خصوم و خارجه اصدقاء و اخوة حيث يغيب الغضب و يحل محله الحب .