ثقافة وفنون

بوجلود، هرما، بولبطاين…تعددت الأسماء والمهرجان واحد

أطلس توداي الرباط.-لطيفة بجو

أشخاص يرتدون جلودا، وضعوا قرونا فوق رؤوسهم، يقفزون ويرقصون، ويجوبون كل الأحياء وخلفهم الصغار والكبار، وقد يرددون في بعض المناطق بالمغرب: “يا هْرْمَا لَايْسْ لَايْسْ، يَا هْرْمَا بُو لْحْلَايْسْ”.
                             
إنه مهرجان “بوهيروس” أو “زمزم” الذي تحتفل به عدة مناطق في المغرب بالتراشق بالماء ابتداء من ثاني أيام عيد الأضحى. تختلف تسميات هذا الطقس ببلادنا التي تتعدد بها الثقافات، فنجد شخصيته الرئيسية تسمى “سبع بطاين”، و”بولبطاين”، و”بوجلود” و”هْرْمَا”، و”تمعزات”، و”بيلماون”، و”بويسليخن”، و”بولحلايس”، و”إمعشار” و”سبع بطاين” و”بوهو” وغيرها من الأسماء. وبهذه المناسبة، يرتدي مجموعة من الشباب جلود الأضاحي، ماعزا أو خروفا أو عجلا، ويغطون وجوههم بأقنعة على شكل حيوان، ويضعون القرون فوق رؤوسهم، قبل الشروع في جولة تقودهم إلى كل الأحياء بالمدن أو الدواوير والمداشر بالقرى، حيث يجود السكان عليهم ببعض السكر والبيض واللحم. تصاحبهم الطبول، ويتبعهم الأطفال وهم يغنون ويرقصون، ويحملون قوائم البهائم التي يلبسون جلودها ويلعبون بها خلال مسيرتهم تلك، ويضربون بها الأطفال الذين يستمتعون كثيرا.
 
يبدو أن هذا التقليد بالمغرب يعود إلى مئات السنين وربما أكثر، وإن قلّت المعلومات عنه في كتب التاريخ واختلفت الآراء حول أصله وبداياته؛ إذ يعتقد بعض الأنثروبولوجيين أنه ضارب في القدم بمنطقة شمال إفريقيا برمتها، ويتوارثه القاطنون أبا عن جد، بينما يذهب آخرون إلى أن أصله يعود ربما إلى الفترة التي سبقت الإسلام، عندما كان سكان المنطقة يعبدون أشكالا متنوعة ومختلفة من الطبيعة ويقدسون بعض الحيوانات. تقول الذاكرة الشعبية أن “بوجلود” أو “هرما” يجلب البركة لجميع السكان، فهو يحقق أمنيات كثيرة كالزواج وسعة الرزق ويمنح الذرية الصالحة ويشفي بعض الأمراض كذلك؛ إذ يكفي لمس حافر البهيمة التي يلبس “هرما” جلدها، أو وضعها على الكتف لتتحقق كل الرغبات والأمنيات في السنة الموالية.

والغريب في الأمر هو أن هذا التقليد الشعبي هو ذكوري بامتياز؛ صحيح أن النساء يشاركن فيه حين خياطة الجلود والإعداد للحفل، لكنهن للأسف لا يخرجن في المسيرات عبر الشوارع إلا بغرض الفرجة وكمستمتعات بالحفل فقط.
 
تجدر الإشارة إلى أنه في الوقت الذي يرى فيه كثيرون أن هذا التقليد أو كارنافال “بولبطاين” هو من العادات والتقاليد البدائية التي أكل عليها الدهر وشرب والتي يجب نسيانها ودعوة المواطنين إلى تركها لأنها علامة على التخلف والجهل وتعكس صورة غير لائقة بمجتمعنا، فإن البعض الآخر يتساءل عن إمكانية إدراجه كتراث لامادي لدى منظمة اليونسكو. وهو الأمر الذي يستدعي طبعا تدخل الجهات الرسمية لتقديم طلب في الموضوع.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى