إغلاق المقاهي بالرباط، نعمة أم نقمة؟
أطلس توداي: لطيفة بجو
“سيُحرم” الرباطيون من الاستمتاع بالجلوس بالمقاهي والمطاعم مدة 72 ساعة في منتصف الشهر الجاري! وربما تطول المدة إذا لم يتم التوصل إلى أي حل. لو قلتها لأحدهم لضحك، وكأنك حكيت له نكتة! أمر عادي جدا بل ومحبد أيضا، وربما قد يكون نعمة بالنسبة لبعض الأسر المغربية التي يدمن بعض أفرادها على المقاهي والأكل في المطاعم، خصوصا مع غلاء الأسعار الذي طال كل المنتجات مؤخرا.
تقول الأخبار أن حركة أرباب المقاهي الاحتجاجية هاته تأتي على إثر رفض السيدة عمدة الرباط الجلوس إلى الطاولة والتحاور معهم بعد فرض قرار ضريبي، يرغمهم على دفع مبلغ 280 أو 330 أو 525 درهما كل ثلاثة أشهر (حسب الأحياء) من أجل استغلال المِلك العمومي.
كثيرون من المعنيين بالأمر يودون لو أن الجهات الرسمية تقترح رفع الرسوم ب 10 أو 20% فقط. يصرحون باستحالة تنزيل قرار الزيادة على أرض الواقع، ليس تهربا من المهنيين وإنما لعجزهم عن أدائه، خصوصا وأنهم مروا بثلاث سنوات صعبة بسبب جائحة كورونا التي أتت على كل إمكانياتهم ومدخراتهم أيضا. كما أن تنفيذ هذا القرار الجبائي سيؤدي إلى إغلاق محلات تجارية كثيرة وسيتسبب في بطالة الكثيرين من العمال، وبالتالي تشرد أسر كثيرة.
يكمن الحل في نظر المهنيين إذن في تراجع مجلس الرباط عن هذا القرار المجحف في حقهم، وفتح حوار مع المعنيين بالأمر، خصوصا بعدما توصل العديد منهم بإشعارات من أجل أداء مبالغ مالية، وصفوها بالخيالية. كما أن القرارات المتخذة غير قابلة للتنفيذ في نظرهم، ويجب تفادي الصدامات مستقبلا والعمل على طرح معاناة هذا القطاع للنقاش وتنظيم علاقة أرباب المقاهي والمطاعم بالأجراء والعاملين. هم يطالبون عمدة عاصمة الأنوار بمراجعة ضريبة المشروبات المفروضة عليهم أيضا؛ فالرسوم المفروضة بالرباط تُعد، حسب تصريحاتهم، الأعلى بالمملكة (10%)، في حين لا تتعدى قيمته 2 أو 3% في مدن سياحية تنشط على طول السنة. يعتبرون أنه إذا تم تنفيذ القرار، لن يتمكنوا مستقبلا من مواصلة عملهم الرامي إلى المساهمة في إنعاش الاقتصاد الوطني ولا في الإشعاع السياحي لمدينة الأنوار (رأي بعض مسيري المقاهي المتواجدة على طول الطريق الساحلية)، خصوصا وأنهم يقومون بدور مهم من حيث تشغيل الشباب وامتصاص البطالة بالمدينة.
غير أن رأي المواطنين يختلف عما يؤمن به أرباب المقاهي والمطاعم؛ إن استطلاع رأي بسيط أسفر عن أن الغالبية يرون أن على الحكومة أن تطالب أرباب المقاهي والمطاعم بحقها بأثر رجعي، حتى تتمكن من استرجاع ملايين الدراهم التي استفادت منها قلة قليلة من المواطنين على حساب آخرين، وأنه لا يعقل أن البعض تفرض عليه الضريبة من المصدر، في حين يتفاوض آخرون مع الحكومة بل ويرفضون أداء ما عليهم من واجبات اتجاهها. يؤاخذ الرباطيون أرباب المقاهي بالارتفاع المهول الذي عرفته أسعار المشروبات والمأكولات بكل المحلات التجارية إثر عودتهم للإشتغال بعد جائحة كورونا، “وكأنهم يريدون تعويض ما فاتهم من خسارة خلال سنتي الجائحة، على حساب جيب المواطن” يقول مستجوَب. المفارقة العظمى هي أن ملاكي المقاهي والمطاعم كانوا يستغلون الملك العمومي ولمدة سنوات مقابل مبالغ زهيدة لم تكن تتعدى 50 أو 70 درهما فقط، بل إن منهم من تشكل المساحة التي يستغلها خارج محل تجارته ضعف المساحة الحقيقية للمقهى، وهي التي تجلب معظم زبائنه. يستنكر أحد المواطنين قائلا: “الآن وقد استفاقت الدولة أخيرا من سباتها، وحركت عجلتها الإدارية كي تضع حدا لهذا الاستغلال، نجدهم يصرخون وينددون بالظلم والحيف الذي يطالهم.”
في انتظار أن تنتهي هذه المواجهة بين المهنيين ومجلس الرباط، فإن المهنيين بالمدينة عازمون على مواصلة نضالهم من أجل إغلاق هذا الملف. ومن المنتظر أن تعقد الجامعة الوطنية لأرباب المقاهي والمطاعم بالمغرب، يوم الثلاثاء 16 ماي الجاري لقاء إعداديا للإضراب المرتقب. لنا عودة للموضوع.