تحديات وإكراهات الصحافة الأمازيغية
اطلس توداي لطيفة بجو
تنظم جماعة أكدال الرياض بالرباط، إلى غاية 30 يوليوز الجاري، فعاليات الدورة 16 لمهرجان ربيع أكدال الرياض، وذلك تحت شعار:” انفتاح وتعايش مع تراثنا الثقافي اللامادي”. تدخل هذه الأنشطة في اطار الاحتفالات بالذكرى 24 لتربع صاحب الجلالة الملك محمد السادس على العرش، وهي بشراكة مع عدة جهات كوزارة الثقافة والشباب والتواصل ومجلس الجالية المغربية بالخارج، والمعهد الملكي للثقافة الأمازيغية، والمجلس الوطني لحقوق الإنسان، وولاية جهة الرباط سلا القنيطرة وغيرهم .
بهذه المناسبة، احتضن فضاء الحديقة الأندلسية لقاء إعلاميا حول “تحديات وإكراهات وفرص الصحافة الأمازيغية بالمغرب”، جمع ثلة من الإعلاميين الذين يشتغلون باللغة الأمازيغية في الشركة الوطنية للإذاعة والتلفزة. تحدث الصحفي محمد شقرون، الصحفي بالقناة الأمازيغية والباحث في الإعلام والاتصال، عن بدايات الصحافة الناطقة بالأمازيغية بالمغرب وأشار إلى أنها كانت صحافة نضالية تدافع عن الثقافة والهوية الأمازيغية من خلال صفحات كانت تخصصها لها بعض الجرائد الحزبية، وإن كان عددها محدودا. عانت من عدة إكراهات مادية لأنها كانت تعيش بتمويل خاص ومن موارد بعض الجمعيات الأمازيغية أيضا. أشار ذات الباحث إلى التطورات التاريخية التي عرفها مسار بث برامج باللغة الأمازيغية، حيث شرعت التلفزة المغربية آنذاك في بث النشرة الأمازيغية سنة 1994، إلى جانب إحداث المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية سنة 2004، قبل انطلاق قناة بنفس اللغة سنة 2010. وهو ما اعتبره الصحفي تجربة رائدة أبرزت التعدد اللغوي والثقافي ببلادنا. نجحت التجربة إذن وفرضت وجودها كإضافة للإعلام العمومي لأنها وصلت إلى مناطق معزولة واستطاعت طرح ومناقشة قضايا تعاني منها بعض هاته المناطق، خصوصا تلك المهمشة والمعزولة منها والتي بدأت تحظى باهتمام المسؤولين على حد قوله.
تم التطرق كذلك إلى بدايات ثم تطور الاهتمام باللغة الأمازيغية، وذلك مع مؤسسة راديو ماروك، ووصولا للشركة الوطنية للإذاعة والتلفزة؛ حيث أشار الصحفي بالإذاعة الأمازيغية الوطنية، كمال الوسطاني، أنه شُرع عام 1938 في بث برامج مدتها 10 دقائق على أمواج المؤسسة المذكورة، على شكل منوعات موسيقية، لترتفع الحصة الزمنية تدريجيا بعد ذلك وعلى مر السنين. لكن ذلك كان لدواعي إعلامية وتواصلية فقط. سنة 2005، ستحظى الأمازيغية ب16 ساعة بث وستعرف خلال سنة 2020 انتشارا واسعا على كل التراب الوطني وبثا على مدار الساعة. تبث الإذاعة الأمازيغية حاليا برامج تغطي كل المجالات، السياسية والترفيهية والاجتماعية والثقافية والرياضية وكذا مختلف الأجناس الصحفية. كما تقوم عدة محطات ببث حصص بهذه اللغة ككاب راديو، وماروك اف ام، وشدى اف ام وغيرها، مما يدل على الاهتمام الكبير الذي يوليه الإعلام الوطني للأمازيغية.
كانت مداخلة الصحفي حسن الأشهب من جهته بحمولة نضالية ومهنية وتاريخية، استحضر خلالها نضالات الصحفيين الناطقين بالأمازيغية من أجل فرض هذه اللغة داخل الفضاء السمعي البصري المغربي؛ خصوصا وأن عملهم في البداية كان يقتصر على ترجمة نشرات الإذاعة العربية. أشار إلى أن إصرار هؤلاء الصحفيين وإلحاحهم على اعتماد مصادرهم الخاصة مكنهم بعد ذلك من إنتاج برامج ومراسلات وروبورتاجات باللغة الأمازيغية، فقد كان هاجسهم الرقي بالصحافة الأمازيغية وجعلها قضية وطنية، وبالتالي التعريف بالهوية والثقافة الأمازيغيتين.
اقترحت خلال هذا اللقاء الإعلامي، الذي خصص لإكراهات ورهانات الصحافة الأمازيغية، عدة أفكار وتوصيات من شأنها النهوض بها ومساعدتها على رفع التحديات التي تواجهها. يمكن تلخيص أهمها في إعادة النظر في محتويات دفاتر تحملات القطب العمومي وإعطاء الأهمية للغة الأمازيغية خصوصا بعدما أقرها دستور 2011 كلغة رسمية، وتحسين ظروف العاملين بالقطاع والسهر على توفير التكوين والتكوين المستمر لفائدتهم، والاعتناء بأرشيف الإذاعة الأمازيغية والإعلام الأمازيغي بصفة عامة، وضرورة توقيع عقد برنامج بين الحكومة والقنوات المعنية، ومطالبة الهاكا بالقيام بدراسات ومتابعة لتفعيل دفاتر تحملات القطب العمومي والقنوات الخاصة، وضرورة انخراط المجلس الوطني للصحافة في تأطير المشتغلين في الإعلام الناطق باللغة الأمازيغية ومواكبته عبر دورات تكوينية متخصصة.