رياضة

يحيى جبران …من رحم المعاناة يصنع الأبطال

أطلس توداي : نورالدين عقاني

قصة يحيى جبران مع الكرة، تستحق أن تروى و تروى لتكون منارة يهتدي بها طالبو الوصول و التميز، و ليقتدي بها من هم في بداية الطريق ،و لتشجيع من سقط سهوا أو مرغما في بئر اليأس و الاستسلام.

جبران ابن حي من أحياء الفقراء و الكادحين بمدينةسطات، و الذي يحمل اسم قطع الشيخ، نشأ في بيت متواضع لأبوين بسيطين و تقليديين.. أم ربة بيت و أب يوفر لقمة عيشه و عيش الأولاد بعرق جبينه، كونه اشتغل بمهنة التعليم بإحدى مدارس القرى، وبالضبط بقبيلة أولاد سعيد، بمجموعة مدارس اولاد اجميل(دوار اولاد اجميل) ..أبوان من عامة الشعب أقسما على تطبيق و تجسيد وصايا الجدود و الأسلاف، على أرض الواقع من قبيل الصبر و تحري الحلال، و حسن الخلق ،و التربية السليمة و توقير الجار و الصاحب، و التشبت بالدين الحنيف.
نما و كبر جبران وسط حرارة اجتماعية مثالية ..تعلم منذ الصغر مواجهة الصعاب، و تحمل مشاق الحياة..فما بين الدراسة و الكرة، كان الولد النجيب يحرق المراحل بإصرار و تصميم، و يتسلق سلالم إثبات الذات بروية و تركيز.


بعد أن تمرس جبران بكرة الحواري بالملعب المثاخم لمسكنه ،و بعد أن تألق في بطولات المدارس و الثانويات و دوريات الأحياء، اتجه نحو فريق يلعب في إطار قانوني منظم، وقعت عينه على فريق الفتح السطاتي للكرة المصغرة.
هنا سيلتقي بحسن بارة، مدرب و رئيس الفريق و عاشق النهضة السطاتية، مع هذا الرجل المميز، ستتفتق موهبة يحيى و ستبلغ الآفاق بسرعة كبيرة.
تميز جبران بتقنيات كبيرة و بلعب سلس و بتحكم مطلق للكرة، كم برع في التهديف في كل مباراة. بنفس السرعة و نفس السياق لفت أنظار المدرب الوطني القدير لهذه الرياضة هشام الدكيك..نادى عليه و لعب معه أول مونديال لكرة الصالات في دولة التايلاند سنة 2012..هنا سيسجل التاريخ لجبران انفراده بتسجيل أول هدف للمغرب في المونديال، كان ذلك في مرمى بنما.


بعد هذا التألق الملفت للنظر همس لاعب الرجاء البيضاوي و النهضة السطاتية، الدولي رشيد الحريري في أذن مدرب رجاء بني ملال فخر الدين رجحي بأن ينتدب اليافع جبران الذي سيكون حلا لضالته المنشودة..تم الأمر في غمضة عين ..وقع اللاعب السطاتي في كشوفات فريق عين أسردون و تحول بالتالي من الكرة المصغرة إلى الكرة الحقيقية.
لعب هناك موسمين كاملين ..انتقل بعدها للمولودية الوجدية و منها لحسنية أكادير، و من ثمة للاحتراف لمدة قصيرة بالإمارات.
بعد هذه التجربة عاد جبران لوطنه، و كان العود أحمدا بتوقيعه لفريق الوداد الرياضي سنة2019 و ذلك لتعزيز وسط الميدان الذي بدأت عناصره تشيخ.
صبر جبران لوقت يسير كبديل لوكس للنقاش و للسعيدي، إلى أن أتته الفرصة بفعل الإصابة الطويلة لهذا الأخير، فاستغلها كما يجب و عض عليها بالنواجذ .
تألق جبران كثيرا رفقة الشياطين الحمر .. انتزع الرسمية باستحقاق كبير ..حمل عن جدارة شارة القيادة في عامه الثاني ..فاز ببطولتين و فاز أيضا بالتشامبيونزليغ الافريقية. في خضم هذا المسيرة نودي عليه بسرعة لمنتخب المحليين الذي حصد معه لقبين افريقيين متتاليين.
نودي عليه لمنتخب الكبار من طرف المدرب وحيد خاليلوفيتش و لازم الإحتياط غالبا و جرب بامتياز في أكثر من مرة و ضمن مكانه كبديل أول للرسمي سفيان لمرابط .


أخيرا و بعد نيل كل هذه التتويجات الكبرى رفقة الوداد الرياضي و المنتخب المحلي يأتي التتويج الأكبر ألا و هو مرافقة أسود الأطلس لمونديال العرب بقطر.
جبران السطاتي القح، سيكون رابع منتسب لعاصمة الشاوية الذي سيمثلها في كأس العالم بعد قاسم السليماني و أحمد العلوي و إدريس بنزكري .
جبران سيكون أول مغربي و ثاني عربي بعد الجزائري لخضر بلومي الذي سيلعب مونديالين لكرة القدم الصغيرة و الكبيرة.
جبران فخر حاضرة الشاوية و رمزها في مجال الرياضة عموما و في كرة القدم خصوصا.

حكاية يحيى جبران تستحق أن تروى و تروى و تستحق أن تتحول لفيلم عنوانه لكل مجتهد نصيب أو الحياة كفاح أو الصبر مفتاح الفرج…

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى