و هل سيفيدنا الإعتذار؟؟
أطلس توداي: هند بومديان
نعم نضجنا ، بعد أن ضربتنا الحياة بصفعات لا تنتهي من جميع الجهات ، تحولنا تدريجيا من أشخاص نسامح ونغفر إلى أشخاص لا يقبلون الأعذار ولا يعطون فرصا جديدة ، بعد أن كنا نضغط على أنفسنا من أجل إرضاء الجميع تحولت أولوياتنا لكسب راحتنا النفسية ، بعد أن كنا نستميت دفاعا عمن نحبهم أصبحنا نتقبل خذلانهم بصدر رحِب ، نتقبل الصدمات في أي وقت ومن أي أحد ، تغيرت نظرتنا ، ما عدنا نؤمن بالبقاء الأبدي ، فالجميع فترات في حياتنا وسينتهي وقتها ، ما عدنا نثق في الجميع ، أصبحنا نحتفظ بأسرارنا وحدنا وتفاصيلنا لأنفسنا دون حاجة لأحد ، توقفنا عن العتاب وعن وضع آمالنا بأحد ، ما عدنا ننتظر أحد ، نضجنا للحد الذي أصبحنا نتوقّع السيء والأسوأ من الجميع ، لسنا مؤذيين لكننا أصبحنا نتجاهل كل شيء ونمضي بصمت فقط
لنعتاد في النهاية على كل شيء ، نعتاد على الحكايات التي لم تكتمل ، على المواقف التي تجبرنا الحياة عليها ، نعتاد على خط النهاية الذي لن نصله مهما مشينا ، نعتاد على قول أن كل شيء عادي ، ونقنع أنفسنا بأنه عادي ، نعتاد على خذلان المقربين وغدر الأصدقاء وخيانة الأحبة نعتاد على متاعب العمر وقهر السنين والظلم فقط لنكمل ما تبقى بأقل خسائر ممكنة ، ماضون نردد عادي ولاشيء كان عادي أبداً
تمرّ الأيام و تمضي السنوات،و نتعلم أن نعيش بربع شعور، بربع قلب و بلا دمعة واحدة نتعلم أن نحيا بحياد بارد، ألا نأخذ أي شيء على محمل الجد أو بشكل شخصي، فالحياد هو مسايرة الحياة كل شيء سيمضي و سنعود إلينا في كل مرة ينتهي الموقف و نعود لنرتمي في أحضان ذواتنا، نعود لعناق قلوبنا بقوة أكبر فالأيام كانت كفيلة بأن تعلمنا ألا نغرس جذورنا في الأشخاص و الأشياء، أن تعلمُنا الانتماء لأنفسنا، لأنفسنا فقط
تبا كل هذا و قد قُصفَت أرواحنا بكسر خاطرها ، نهضنا من تحت أنقاض الخذلان نلملم فتات خيبتنا ، وبصمغ الأمل رحنا نرمم شروخ قلوبنا ، بماذا سيفيدنا الاعتذار وقد اختلط الماء بالدم واحترقت العيون من الدمع وانقطعت الأنفاس من البكاء ، انشقت أفئدتنا ألما وكادت قلوبنا أن يتوقف نبضها من الحسرة ، قطعنا أشواطا كثيرة في التعافي ووجدنا أنفسنا أخيرا وأحببناها جدا ، أصبح لدينا حياة جديدة مليئة بالحذر تغيرنا ولم نعد أبدا كما كنا يوما ، لا التفات ولا مغفرة أبدا، ولا مكان للماضي بين صفحات حاضرنا ومستقبلنا ، لقد كنّا أكبر خسارة لهم جميعا ، فليقضوا حياتهم ندما كنا نعمة بين أيديهم لم يدركوا قيمتها إلا عند خسارتها الاعتذار غير
مقبول ، الاعتذار لن يعيد ما ضاع من أعمارنا ، لن يعيدنا كما عرفونا يوماً فالمشاعر دفنوها بأيديهم ، والميت لا يعود أبداً مهما فعلنا.