آراء وأعمدة

قهوة فراج إسماعيل

المغرب والأحلام المشروعة…..

لا أحد كان يتخيل الإصطفاف العربي والإسلامي وراء منتخب المغرب وهو يبدع ويسجل ويحتل صدارة مجموعته متقدما على كرواتيا وصيف كأس العالم السابق في روسيا.
نقل المغاربة في تلك اللحظة الفارقة أكثر من مليار مسلم ومئات الملايين غيرهم من الفقراء والمهمشين من كل الأديان والعقائد، وحتى اللا دينيين، من مربع الإحباط إلى الأمل. ومن الشعور بالدونية أمام دول عظمى ومتفوفة سياسيا واقتصاديا وتعليميا واجتماعيا ورياضيا، إلى الطموح في المنافسة والمناطحة في مجالات لم يجرأوا على الاقتراب منها.
استقر طويلا في نفوس هؤلاء الناس المحرومين أن التفوق له أهله، وأن العين لا تعلو على الحاجب، وأن الكبير كبير.
لكن أداء المنتخب المغربي في ملاعب كرة القدم العالمية قلب كل تلك الموازين الفكرية، وحرك هرمونات الشجاعة، وأدرك هؤلاء أن التفوق لا يقتصر على أمة دون أمة ولا على الشمال دون الجنوب ولا على لون دون لون.
الجهد والإعداد العلمي المدروس والمبرمج المصحوب بالنزاهة والعدالة والمساواة والتخلص من الفساد والمفسدين والواسطة والمحسوبية.. كل ذلك أساس للإنطلاق والمنافسة وتحقيق النجاح.
في كرة القدم بنى المغربيون هذا الأساس. لم يحدث ذلك في يوم وليلة ودون عثرات. بل استغرق زمنا طويلا وعبر على جبال من العثرات والموانع النفسية والدونية.
سنجد من يسخر.. هل كل هذا حصل بكرة القدم وهي مجرد لعبة للمتعة والترفيه لمن أنهكهم تعب الحياة؟!
كرة القدم أصبحت بمثابة معمل أدوية لتشيط دورة الحياة. معمل نجد فيه ما نعالج به أمراضا استقرت في نفوسنا وأعمالنا.
تلك القيمة جعلت بايدن وهو رئيس الدولة الأعظم حضاريا وصناعيا واقتصاديا، يقطع اجتماعه ليزف خبر الفوز على منتخب إيران معلنا بلغة سياسية “لقد انتصرنا.. الرب يحبكم” وكان يصفق والآخرون يصفقون معه.
في قرية مصرية وبمجرد انتهاء المباراة مع كندا، خرج رجال ونساء وأطفال وحتى مسنين، ملتفحين بعلم المغرب وهم يهتفون وبعضهم يبكي من الفرحة.
معظمهم إن لم يكن كلهم يعاني معيشيا، بالكاد يجد غداءه أو عشاءه، ويعانون أشد العناء في سبيل الإنفاق على تعليم أولادهم أو شراء أدوية مرضاهم. ما الذي أنساهم تلك الأوجاع كلها، وجعلهم يندمجون في فوز كروي لمنتخب شقيق، بعضهم لا يعرف موقع الدولة التي التحفوا بعلمها؟!
إنها لحظة ولادة الأمل. لحظة الشعور بأن العمل الجاد ينتهي أو يمر بالنجاح.
وإذا كان الله لا يصلح عمل المفسدين، فإن العدل والإنصاف وتقديم أصحاب المواهب والعلم يحقق الإصلاح ويطعم في يوم ما من كان لا يجد طعامه.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى