آراء وأعمدة

قذارة الصحافة الفرنسية بعد استفزازات منتخب إناث المغرب

اطلس توداي : الرباط- لطيفة بجو-

يبدو وكأن فرنسا لا شغل لديها سوى المغاربة والمغرب وما يتعلق به، بدل الاهتمام بقضاياها الداخلية والخارجية، خصوصا بعد ما وقع في النيجر وما قد يكون له من تداعيات عليها؛ فبعدما فشلت كل محاولاتها السياسية، شرعت في تبني طرق جديدة لاستصغاره، من خلال استغلال كل فرصة وتجنيد السلطة الرابعة للتحدث عنه بطرق أقل ما يمكن القول عنها أنها تنم عن الكره الدفين لدى الفرنسيين اتجاه كل ما هو مغربي، وعدم قبولهم بمغرب اليوم الذي يفرض عليهم التعامل معه الند للند.

خرجات الصحافة الفرنسية ضد لبؤات الأطلس لم تكن جديدة ولا غريبة. وكأنها عثرت على ذرائع جديدة لمهاجمة المغرب؛ قبل أيام، تعمد صحفي طرح سؤال للاعبة حول مدى تحقق المساواة في الأجور بين الأسود واللبؤات، قبل أن يسألها عن الطريقة التي تُعامل بها اللاعبات المغربيات…وقبلها وفي الوقت الذي استحسنت فيه الصحافة عبر العالم ارتداء اللاعبة نهيلة بنزينة للحجاب، اكتشفنا أن الصحافة الفرنسية هي الوحيدة التي عارضت الأمر، وشنت ضدها حملة شعواء، ولم تذخر جهدا من أجل التهكم من منظرها وشكلها ولباسها. فرنسا مصرة كالعادة على إثارة الجدل، ولو كان الأمر يتعلق حقيقة بالحجاب فقط، لكانت تحدثت عن الفلسطينية هبة سعدية، حَكَمة راية في مباراة انجلترا والصين… أم أن الموضوع يصبح أكثر إثارة واللعاب يسيل أكثر، فقط عندما يكون المغرب معنيا؟ فرنسا لا تهمها أخبار المونديال، والمباريات، وكرة القدم، ومستوى اللعب، والأخطاء المرتكبة والتكتيك الذي اعتمده كل فريق، بقدر ما يهمها لباس اللاعبات وحجاب المغربية بالذات، فخُصصت لذلك برامج وكُتبت بشأنه مقالات. يتناسى الفرنسيون أن عدة لاعبات من دول أخرى، غير مشاركة، يرتدين الحجاب…إنهم على قناعة أن حجاب نهيلة سيضر باللاعبات لأنه سيُلهم فتيات أخريات عبر العالم، وتخوفهم الأكبر هو “أنهم سيضطرون مستقبلا لتحمل رؤية نساء محجبات فوق ساحات اللعب في فرنسا” و”أن هكذا تصرف لا يخدم صورة المغرب…هو عار على المغرب… ننتظر توضيحا من السلطات المغربية”. أقوال وآراء تبين أن أصحابها لا يملكون ذرة عقل.

أولا، لأن المغرب ليس ملزما بتقديم أي رد أو شروحات حول موضوع متجاوز كهذا. فمن تكون فرنسا حتى تُنَصب نفسها وصيا على الآخرين، وتطالبهم بالامتثال لأوامرها وكأنهم مستعمراتها؟ ثم إن المغرب أدرى بمصالحه ويعرف جيدا كيف يدافع عن صورته.

ثانيا، لأن الأمر محسوم منذ أن وافقت الفيفا عام 2014 على منح اللاعبات حرية ارتداء الحجاب.

وثالثا، وهو لا يقل أهمية عن سابقيه، هو قيام رئيس الفيفا شخصيا بتهنئة نهيلة على التأهل ونشره تعليقا على حسابه: “كرة القدم شاملة وأكثر تسامحا وعالمية ومتنوعة”، وأضاف: “لا تمييز”؛ وهو التصرف الذي اعتبره المحللون بهدف دعمها بعد حملة الانتقادات والتنمر التي  تعرضت لها حتى من طرف بعض العرب والمسلمين، وإن كانت تعليقات هؤلاء لسبب مختلف.
 
فرنسا تود تغيير القوانين في الاتجاه الذي يخدم مصالحها. حظرها للحجاب داخل مؤسساتها هو أمر موكول إليها ويدخل في اطار قراراتها السيادية فوق ترابها، لكنها لا تملك حق فرض رأيها داخل المحافل الدولية وتأليب باقي العالم، وكأن الشعوب والدول الأخرى قاصرة.

استهانة فرنسا بقوة المغرب ونظرتها الدونية له، ودرجات الانحطاط والكراهية التي أدركتها، بلغت حد تجاهل صحافييها خلال نقاشاتهم وفي مقالاتهم وبلاتوهاتهم التلفزية، طرح احتمال مواجهتها للمغرب في الدور المقبل للمونديال. لقد ظلوا طوال الوقت يضعون سيناريوهات لمباريات ضد ألمانيا أو كولومبيا، لكن وقع ما لم يكن في الحسبان عندما أحدثت اللبؤات المعجزة وقلبت كل تكهناتهم وتنبؤاتهم. فلا شك في أن صدمتهم كانت قوية جدا، ولا أدل على ذلك من كتاباتهم عقب تأهل المغرب ووصفهم له “بالحدث المفاجأة”.

رأي فرنسا لا يهم، ويكفينا فخرا تأهل منتخبنا الوطني في أول مشاركة له…وعلى رأي الفيفا، اللبؤات “غيرن اللعبة، صنعن التاريخ”.

 كخلاصة، لم أجد أفضل من هذين البيتين: 
 إذا نطق السفيه فلا تجبه/ فخير من إجابته السكوت.
فإن كلمته فرجت عنه/ وإن خليته كمدا يموت

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى