قبة البرلمان وحكاية “العلوة”
أطلس توداي: عبد الله شوكا
للعلوة تاريخها ورجالاتها وموقعها الجغرافي، ولعل منطقة ابن احمد ومعها العلوة لأكبر شاهد على هذا التاريخ.
شهدت المنطقة ثورة ضد الاستعمار الفرنسي، والذي أسال الكثير من الدماء في صفوف المجاهدين والمواطنين المغاربة.
ولعل أبيات أغنية العلوة تصف ما عاشته المنطقة، من سيلان دم، وإطلاق للذخيرة الحية من طرف الاستعمار الفرنسي، ومن بين هذه الأبيات ” القرطاس يندر”.
وغالبية المغاربة، تهزهم “الهيستيريا والحال”، كلما صادفت آذانهم أغنية العلوة، حيث يتم اليتجاوب معها ولو كانوا على متن الطائرة، أو في التايلاند أو القطب الشمالي أو في الفيتنام.
ولعل “قبة العلوة” تكون مقصدا للتبرك منها، يقصدها طالبو التيسير، والباحثون عن قضاء حاجة كطلب العمل والزواج وفك السحر وغير ذلك.
وإذا عرفت قبة العلوة منذ غابر الأزمان ببركتها وتأثيرها على النفوس، فأكيد أن قبة أخرى توجد بيننا في الحاضر، وهي شبيهة بقبة العلوة، إنها قبة البرلمان التي يقصدها أيضا طالبو العمل والباحثون عن حلول لمشاكلهم، ولا يمر يوم من أيام مدينة الرباط إلا وترى الحشود تقف أمام قبة البرلمان، منهم المعطلون، والمطرودون من العمل، والأساتذة المتعاقدون، والمظلومون وغيرهم، حيث تكون قبة البرلمان قبلة لكل المواطنين الذين يأتونها من كل فج عميق وكأنهم يطلبون بركتها.
وإذا عرفت العلوة بالجذبة والهيستيريا، فإن قبة البرلمان بدورها تعرف الهيستيريا والجذبة، هيستيريا المنتخبين أيام الانتخابات، حيث يصرفون اموالهم من أجل النجاح ولو كان مزيفا، كل ذلك من أجل الالتحاق بقبة البرلمان والتبرك منها ومن عطائها الوفير.
وعلى مر التاريخ وقعت احداث تؤكد تشابه قبة العلوة بقبة البرلمان، مثل حادث عض برلماني ليد شرطي مرور، أراد تسجيل مخالفة سير في أحد شوارع مدينة مكناس، فما كان من البرلماني، الا عض يد الشرطي لمنعه من تحرير المخالفة، وهذه خطوة لا يقدم عليها إلا مجذوب ابن القبة.
وخلال انتخابات سنة 2002، كان وقت تجديد ثلث مجلس المستشارين، وأثناء إعلان النتائج ،تم حمل الكثير من المستشارين إلى المستشفى عندما تأكدوا من رسوبهم، وكم نشطت سيارات الإسعاف ذلك اليوم بحملها لمستشارين أبعدوا من قبة البرلمان، وهي احداث تدل على تشابه قبة البرلمان بقبة العلوة.
وحتى تدخلات البرلمانيين وطرح الأسئلة التي نتابعها على الشاشة تكون مرفوقة بالهستيريا والانفعالات، وكم من برلماني يرغد ويزبد وهو يطرح تساؤلات على أحد الوزراء، إنه تأثير القبة في نفس كل من يدخلها ويجلس فوق كرسيها الوثير.
وما يزال المغاربة يتذكرون أيضا الهيستيريا التي كانت ترافق تدخلات النائب البرلماني الاتحادي خلال السبعينات فتح الله ولعلو، عندما كان يضرب بيديه الطاولة ويرغد ويزبد في وجه الحكومة، وعندما أصبح وزيرا للاقتصاد نظم لابنته حفل زواج باذخ على ظهر سفينة بعيدا عن أعين الحساد، ثم بعد ذلك فكر كوزير للاقتصاد في فرض الضريبة حتى على نوادل المقاهي.