شهامة الشاب أسامة صياغ الذي قدم نفسه قربانا للبحر لإنقاذ رفيقيه من الغرق
أطلس توداي: عبد الله شوكا
هو الشاب أسامة صياغ المنتمي لحي مشروع الحسن الثاني بالحي المحمدي بالدار البيضاء، كان يزاول كرة القدم في صفوف فريق النسمة السطاتية، وكان يطمح أكثر إلى مساعدة عائلته وتحسين وضعيتها الاجتماعية، وكان الكل يتنبأ له بمستقبل كروي كبير وهو مايزال في ريعان شبابه، إلا أن القدر المحتوم كان له رأي آخر.
وتعود واقعة هذا الحدث الأليم الى صيف سنة 2020 في عز أيام الحجر الصحي، وقت جائحة كورونا، اتفق بعض الشبان بما فيهم الشاب أسامة صياغ بالتوجه الى شاطىء عين السبع
بالدار البيضاء للاستجمام ومزاولة السباحة، بعدما أعيتهم تبعات الحجر الصحي وملازمة البيت ، وكي لاترصدهم أعين السلطات، فقد وقع اختيار هؤلاء الشبان على مزاولة السباحة في مكان صخري وعر، عبارة عن فج صخري لا ترصده العيون.
في هذا المكان الوعر زاول الشاب أسامة صياغ ذلك اليوم ما يحلو له من سباحة وغطس وارتماء من أعالي الصخر، بين الأمواج العاتية هو ورفاقه، وهو الذي يحسن السباحة ويتقنها على أكمل وجه.
ولما شعر أسامة بالتعب، فكر في مغادرة المكان والعودة الى بيته المتواجد بحي مشروع الحسن الثاني بالحي المحمدي، بينما بقي بعض الرفاق يزاولون السباحة والاستجمام.
جمع الشاب أسامة صياغ أمتعته ولوازمه وغادر المكان، وما إن تجاوز بضعة أمتار عن شاطىء عين السبع، حتى التحق به أحد الرفاق يركض كي يخبره بوضعية رفيقين يصارعان الأمواج العاتية بين الصخر، وهما على وشك الغرق.
وبتوصله بالخبر، عاد الشاب أسامة مسرعا الى عين المكان، وبمجرد وصوله الى هذا المكان الوعر، ارتمى بدون تردد من أعالي الصخر، وشرع في مقاومة الأمواج محاولا إنقاذ رفيقيه، وبعد صراع مرير ومقاومة عسيرة للأمواج، استطاع الشاب أسامة إنقاذ رفيقيه بأعجوبة وكانا على وشك الغرق.
وبعدما اطمأن الشاب أسامة على رفيقيه لما أنقذهما بأعجوبة، وهو ما يزال وسط الموج، فاجأته موجة ضخمة وارتطم رأسه بصخرة حادة فقد على إثرها وعيه، مما أدى إلى وفاته وغرقه في الحين.
والمثير في هذه الواقعة كما يحكي والد أسامة، رضوان صياغ المكلوم بفقدان أعز ما يملك في هذه الدنيا، حكى الوالد عن أشياء غريبة كان يسأله عنها ابنه، كان يسأله عن الموت والآخرة، وعذاب القبر، وكأنه تنبأ بدنو أجله المحتوم.
وقبل هذه الواقعة بأيام قليلة، قام المرحوم الشاب أسامة صياغ باقتناء دراجة نارية كبيرة أهداها لوالده، من التعويضات التي حصل عليها من فريق النسمة السطاتية التي كان يزاول في صفوفها.
لكن تبقى غصة في حلق والد الشاب أسامة صياغ، تعويضات عن ثلاثة أشهر بقيت في ذمة رئيس فريق النسمة السطاتية، والذي بقي يرواغ ويماطل بالرغم من علمه بالحادث الأليم، وتوسلات والد الشاب أسامة، بتسليمه ما بذمة الفريق من مستحقات الموسم الكروي، إلا أن رئيس الفريق تجاهل توسلات والد المرحوم أسامة صياغ.
هي حكاية شاب شجاع استطاع التضحية بنفسه لإنقاذ رفيقيه من الغرق، وكان مصيره الغرق ومغادرة هذه الدنيا الفانية، وهو درس اجتماعي في التضحية ونكران الذات يجب أن يقدم على أكبر من صعيد ويكون إفادة للجميع، ويحكى أن برنامجا تلفزيونيا يتحدث عن الأبطال اتصل به رفاق المرحوم أسامة صياغ، قصد التفكير في تخصيص حلقة عن هذا البطل الشهم، لكن البرنامج كانت له آذان صماء مثل رئيس الفريق السطاتي الذي كان يزاول ضمن صفوفه المرحوم أسامة صياغ.
تبقى إشارة التنويه الى الصحفي الكبير حسن البصري الذي خصص حلقة من برنامج ” كليسة رياضية” على قناة تيلي ماروك يوم غرق الشاب أسامة، كما تشيد عائلة المرحوم أسامة بالعناية والمساعدة المادية والمعنوية التي خصصها لها الرئيس السابق لفريق الطاس المنفلوطي، بالرغم من كون المرحوم لم يكن يزاول في فريق الطاس.
رحم الله الشاب البطل أسامة صياغ، وألهم والديه الصبر والسلوان.