السياسة

سنلجم البرلمان الاوروبي

أطلس توداي: لطيفة بجو

إنها لخرجة غريبة تلك التي كانت للبرلمان الاوروبي عندما أقدم على التحدث عن حقوق الإنسان والصحافة بالمغرب وإدانتها. ألا من أحد يلجمه أو ينبهه لكبواته؟ يقول المثل العربي:” الجمل لا يرى سنامه”، لأننا لو قمنا  بإحصاء أخطاء المؤسسة المذكورة  لاكتشفنا أنها كبيرة وزلاتها عظيمة في مجال حقوق الإنسان، ثم لماذا المغرب فقط؟ ولماذا لا يتحدث عما يقع بدول قريبة جدا منا بالمنطقة؟ أو عن حقوق الفلسطينيين التي تُهضم كل يوم أو عن مسلمي ميانمار الذين يُقتلون بالمئات والآلاف؟ لِم المغرب وفي هذه الفترة بالذات؟ أليست هذه  التحركات طريقة ملتوية فقط لتشتيت انتباه العالم حول ما يحدث داخل دهاليز  هذا البرلمان حول قضايا كالرشوة وغيرها؟ أليست طريقة لربح الوقت في انتظار ايجاد حلول لها؟ منذ يومين، انفجرت داخل فرنسا عاصفة من الانتقادات حول الظروف التي يعيش فيها عمال المنشآت الرياضية التي ستحتضن فعاليات الألعاب الأولمبية بباريس 2024؛ تحدث الجميع عن اللاإنسانية التي يشتغل فيها هؤلاء وعن حرمانهم من حقوقهم الأساسية في الأجور والمبيت في مساكن لائقة.  فلِم لا يتخذ البرلمان الاوروبي موقفا ضد فرنسا هي الأخرى؟  لِم يتناسى أن من كان بيته من زجاج، عليه ألا يقذف الناس بالحجارة.

 نحن نعي جيدا أن الكثيرين يغيظهم كل التطور الذي يحققه المغرب،  وكذا مستوى النمو الذي هو سائر فيه بخطى حثيثة. نحن نتفهم أن التواجد القوي للمغرب داخل القارة الإفريقية واستثماراته بها في عدة المجالات،  أصبح أمرا يقض مضجع البعض من داخل البرلمان الاوروبي وخارجه، ويرون فيه منافسا قويا لهم. 

لذلك فنحن نفهم أيضا أن هذا التدخل في “أمور” المغرب وقضاياه وشؤونه ليس إلا طريقة لإرضاء بعض الجهات التي لا تقبل أن يصبح المغرب قوة إقليمية صاعدة.

  لن يضرنا كل هذا في شئ، ولن يمس المغرب في شيء أيضا.  وكم أثلج صدورنا أن العديد من الجهات والمؤسسات عبرت عن إدانتها لهذا التصرف، بل أكثر من ذلك، فإن دولا من داخل البرلمان نفسه قد رفضت هذا الموقف، والدليل على ذلك امتناعها عن التصويت على القرار الذي يدين حقوق الإنسان والصحافة بالمغرب.

ربما تناسى البرلمان الاوروبي أيضا أن عهد الاستعمار والحماية قد ولى ومضى منذ زمن، وأنه لم يعد لأي بلد أو جهاز الحق في اتخاذ قرارات وفرض املاءات على أي بلد آخر أو التدخل في شؤونه الداخلية. لذلك،  فإن المغرب لم ولن يقبل أبدا أن يلوي أحد ذراعه، أو يملي عليه تصرفاته أو طريقة تناوله لقضاياه الداخلية، سواء تعلق الأمر بحقوق الانسان والصحافة التي تحدث عنها قرار البرلمان الاوروبي،  أو غيرها. لقد رفض المغرب  هذا التضييق، وهو عازم على المضي قدما في طريق تحقيق خططه واستراتيجياته التنموية. سيواجه المغرب البرلمان الاوروبي، كما واجه من قبله ألمانيا واسبانيا وفرنسا وغيرهم، يدافع عن مصالحه، ويفرض وجهة نظره، وسيتخذ الاجراءات التي يراها في صالح شعبه. ولعل أولاها  إلغاء اجتماعين كان من المقرر عقدهما مع فرنسا، أحدهما، هذا الأسبوع والآخر في الأيام القليلة القادمة، وهو الشيء الذي على ما يبدو لم تستحسنه الجهات العليا الفرنسية.

لسنا ملزمين بأخذ الدروس والعبر من أي كان، فنحن أدرى بشؤوننا الداخلية ولا لأحد الحق في توجيهنا أو التعليق على ما يقع عندنا،  سواء كان بالايجاب أو بالسلب، وخاصة إذا كانت صادرة عن جهة لم تستسغ قط قفزات المغرب التنموية.

وختاما، أقول “لا فض فوك” لصاحب قولة “القافلة تسير، والكلاب تنبح”.  وحتى أختم بنوته جميلة، سأكرر الجملة الشهيرة: سير… سير… سير …يا مغرب. 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى