بدون رتوش…الدارالبيضاء الغول المخيف
بوشعيب النعامي …..
من يرحم ساكنة الدارالبيضاء ؟ ومن يضع حدا للفوضى العارمة التي تشهدها الشوارع الرئيسية، أو الأزقة الصغيرة، في الأحياء الراقية والشعبية على حد السواء.
الحرب معلنة على الساكنة أفقيا وعموديا، وستحتاج لكل أصناف المهدئات من أجل مسايرة الركب، والوصول بسلام إلى وجهتك ، بل وستكون أكثر من محظوظ، إن لم تتأخر عن مواعيدك بأكثر من ساعة ونصف الساعة، أو زد على ذلك قليلا أو كثيرا، حسب الأجواء.
ماذا استفاد البيضاويون من مجلس المدينة و مجلس العمالة والمقاطعات وجيش التصنيفات التي ما أتى الله بها من سلطان، ولكنها من خيال سياسيين وإداريين، أثبتوا بأنهم فاشلون وأن اختياراتهم لتقطيع الدارالبيضاء، إلى مقاطعات بدل جماعات حضرية وقروية، كان قرارا خاطئا من الأساس.
على الأقل كانت الساكنة سابقا تتواجه مع المرشح الذي انتخبته مباشرة، لأنها تعرف أصله وفصله، وقليلا ما كانت تتسلل للوائح الناجحين في تلك الانتخابات وجوه غريبة عن الحي أو الدوار، ولكنكم تعرفون بقية الحكاية.
مجلس المدينة كنظام أثبت فشله ولم يقدم الوصفة التي كان من المفروض، أن تفك شفرة العديد من إشكالات تواجهها مدينة تسمي نفسها العاصمة الاقتصادية… مدينة ليس لها من التمدن، غير الاسم فقط… مدينة خارج التاريخ ، لأنها ابتليت بأقوام وجحافل سياسيين يستحقون ما اخجل من قوله، لأن لا هم لهم سوى المصالح الذاتية، أما مصالح المواطنين ، فلتذهب إلى الجحيم، ولا نتحدث هنا عن الاستثناء، لأن قاعدة الاستثناء أنه استثناء فقط، ولكننا نتحدث عن السواد الأعظم ،من الذين يتحكمون في رقاب تسيير مدينة عملاقة من حجم الدارالبيضاء ، كان من المفروض أن تنافس من حيث جودتها عواصم اقتصادية في دول أخرى لن نحددها بالأسم لأنها كثيرة جدا.
هنا لابد من طرح أسئلة محورية، ماذا أضافت لعبة التسيير المفوض وكثرة الوكالات والمؤسسات التي تم إقحامها في تدبير العاصمة الاقتصادية، من استفاد من العملية برمتها؟، ماذا تقوم به هذه الأطراف، ؟وهل احترمت دفتر التحملات؟، ومن سيحاسب من عن كل هذه الاختلالات التي تعيشها المدينة التي تتوفر على ميزانية أضخم مما يتصور العقل، وهي اختلالات بادية للعيان ولا يحتاج المرء إلى كبير عناء لتدقيقها والوقوف على جبل الاعوجاجات بدءا من مشاكل الطرق، ومرورا بحجم الأشغال التي لا تنتهي حتى تبدأ من جديد، ووقوفا عند الانتشار المهول للباعة المتجولين ، وجيش المشردين وأصحاب ” الدوليو والسلسيون والدعارة و أصحاب ” المانطات” المحمولة على الأكتاف، دون الحديث عن انتشار باعة المخدرات والمتاجرين في الممنوعات، ومن أراد التأكد من ذلك، ما عليه إلا القيام بجولة -على سبيل المثال لا الحصر-في حي بوركون مثلا الذي تحول من فضاء مسكون بالهدوء إلى سوق متحرك، يشمل كل ما يخطر على البال من حلال وحرام.
مجلس المدينة وكأنه يدر الرماد في العيون، وكأنه يريد إخبارنا نحن معشر المواطنين، بان قلبه على الشعب، وأنه يفكر في الطبقات الدنيا، في هذه المدينة المخيفة، حين نظم مؤخرا، ما أسماه ب “الملتقى الأول حول المنظومة الاجتماعية” تحت شعار” الإدماج الاجتماعي رافعة للتنمية” ويقول لنا ” احنا معاك ” .
يا له من شعار مغلف باستبلاد البلاد والعباد، ” احنا معاك ” فاش ؟
الملتقى الذي حضره جيش من المسؤولين، وهم ينعمون في معاطفهم الساخنة، وفي قاعة دافئة، وموائد فيها ما لذ وطاب، تمحور حول الفئات الهشة، التي تعاني في الشارع، من نساء وأطفال، وأشخاص في وضعية إعاقة، وأشخاص مسنين، وهلم جرا…
شئ جميل فعلا ولكن الأجمل لو تم تنظيم حملات لإيواء وإطعام هؤلاء في هذا البرد القارس، عوض إطعام من بطونهم تصل إلى أفواههم.
الدارالبيضاء عنوان مخيف لمدينة مخيفة فمن سيزيل هذا الخوف عن العاصمة الاقتصادية؟
آخر الكلام : تكلفة العهر السياسي و المتاجرة بالدين ، يدفعها دوما المساكين.
مقال جميل جامع شامل يهم هموم ساكنة المدينة الغول التي تسلط عليها جيش عرمرم من الانتهازيين المتحزبين والذين عاثوا فيها فسادا بسياساتهم الفاشلة والتي يتغذى فشلها من كونها سياسات ترقيعية تتطبخ في دهاليز الفساد ودون مشاركة الناس المتضررين انفسهم بل فقط في مكاتب مجلسهم الفسيحة والوثيرة والفخمة والمزودة بآلات مكيفة .
اين نحن من بلدية الدارالبيضاء التي كان يسيرها اطر من خريجي المدرسة الوطنية للادارة واطر مدرسة استكمال الاطر وكانوا يعملون تحت مظلة وزارة الداخلية وكانت البيضاء حينها انظف من باريس حتى وبشهادة الباريسيين الذين كانوا يزوروا المدينة البيضاء .
اليوم للاسف نعاني من تبعات ظهير نونبر 1976 الذي كان يراد منه اشراك الاحزاب في تسيير شؤون البلديات في اطار اعطاء شيء من الديموقراطية للشعب المغربي لكن للاسف انقلب الحلم الجميل الى واقع مرير وهو ان جزءا كبيرا من المسيرين الحزبيين عاثوا في البلديات فسادا اما لعدم نظافة ذمتهم او لوصول اناس أميين الى سدة رئاسة هاته البلديات وهاته هي الطامة الكبرى .