السفير والبعاتي .. الجهل والحرب
د. اسامة أحمد المصطفى
عن عقلية الجهل وأثرها في الحرب بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع اطل علينا بشكلٍ مخزي السفير الذي لا يعرف شيئًا، يتحدث على قناة تلفزيونية دولية هي قناة “الجزيرة”، مُطلقًا أحاديثًا تتعلق بشخصية قائد الدعم حميدتي، ويصفه بأنه “بعاتي” اذا كان حيا شبح قادر على الموت والحياة بمثل قوة البعاتي. ولكن ماذا يكمن وراء هذه الرؤية المغلوطة ووراء هذا التأكيد ؟
وكيف يمكن لعقلية الجهل أن تؤثر بشكل سلبي على الواقع المعقد للحرب في السودان؟ تتعدد الأطراف المتحاربة في السودان، حيث يتصارع الجيش السوداني بقيادة الفريق عبد الفتاح البرهان مع قوات الدعم السريع بقيادة اللواء حمدان دقلو “حميدتي”. الحروب والصراعات الداخلية تعود إلى ما قبل الاستقلال، ومنذ ذلك الحين لقد عبثت هذه النزاعات بإمكانات السودان وأودت بحياة المدنيين الأبرياء. وظل ( البعاعيت) يسيطرون بافكارهم الانانية على مقدرات البلاد الى يومنا هذا وظل التعنت سمة سودانية دائمة كما نشهد اليوم في عدم القدرة من الجنرالين على الارتقاء الى مستوى وعي الشعب .
رغم جهود المجتمع الدولي والمبادرات التي أطلقتها الدول المجاورة للسودان في إيقاف الحرب وتحقيق التسوية السلمية، إلا أن مصالح القادة الحاليين تجاوزت تلك الجهود وعرقلت أي محاولة للسلام. القادة يبدو أنهم متعندون في الاستمرار في الحرب، متجاهلين تمامًا أبعادها الإنسانية والاقتصادية المدمرة. يثير هذا المقال السؤال حول كيفية تأثير عقلية الجهل والتحيز على الأحداث في هذه الحرب . عندما يقوم السفير بتصوير حميدتي كبعاتي بمفردة تنم عن بعده العميق عن الدبلوماسية افإنه يُظهِر فقط الجانب الأظلم والمخيف من الصورة، دون أن ينصف الجانب الآخر أو يناقش الواقع المعقد. وهذا يثير الاستغراب حول دور الإعلام في توجيه الرأي العام وتشكيل القناعات والتصورات الخاطئة. لذلك، يجب أن نكون مدركين لتأثير الجهل على القرارات والحوار، وعلينا أن نعمل على رفع مستوى الوعي وتعزيز المعرفة كأدوات أساسية لهزيمة الجهل والتحيز.
إنها المفاتيح لبناء مجتمع يعيش في سلم وازدهار، بعيدًا عن تأثيرات الحرب المدمرة. في الختام، يجب علينا أن يقدم مثل هذا السفير في وسائل الإعلام الرسمية ولا حتى وسائل التواصل الاجتماعي لابد من حذر وتوازن، وأن نتساءل عن مصداقية المعلومات التي نتلقاها وعن دوافع الأفراد والجهات التي تعمل على تشويه الحقائق وتحريف الواقع. فقط عندما نكون مدركين تمامًا للحقيقة، سنتمكن من التغلب على عقلية الجهل وبناء عالمٍ أفضل.