آراء وأعمدة

الإعلامي والكاتب العربي الكبير فراج إسماعيل يكتب لكم من القاهرة…

قهوة فراج إسماعيل…. الفدائيون الجدد في القدس…

في حي سلوان في البلدة القديمة بالقدس.. تقول الرواية الإسرائيلية إن طفلا فلسطينيا في الثالثة عشرة أطلق النار على مستوطنين فأصاب اثنين بينهما ضابط جيش، وأن الطفل جرى اعتقاله بعد إصابته برصاص مستوطنين.
الحادث جرى بعد 24 ساعة من إطلاق فلسطيني النار على مستوطنين أثناء خروجهم من كنيس في مستوطنة النبي يعقوب بالقدس الشرقية وقتل 7 منهم.
التطرف الإسرائيلي الذي جاء بأكثر الحكومات اليمينية تطرفا ودموية منذ العام 1948 أوجد نوعية غير مرئية أو مرصودة من الفدائيين ينتمون إلى الجيل الرابع وربما الخامس مثل الطفل محمد عليوات منفذ عملية سلوان.
لقد كانت إسرائيل تتعامل مع فدائيين واضحين ومرئيين مثل حماس والجهاد اللتين تصنفان أمريكيا وأوروبيا كمنظمتين إرهابيتين، وذلك التصنيف جعل تلك الدول تتغاضى عن المجازر الإسرائيلية البشعة في غزة وفي المخيمات، لكن كيف ستنظر إلى طفل فلسطيني صغير يجب أن يكون مكانه في المدرسة أو النادي أو مع رفقته يلعب في الشارع؟!
مؤكد أنه ليس إرهابيا لكن الإرهاب الإسرائيلي الذي قتل عشرات الأطفال في المخيمات وآخرها في مخيم جنين بلا وازع من ضمير أو إنسانية، والذي ينتهك المقدسات الدينية، هو الذي نزعه من مكانه المناسب كطفل إلى ميدان المقاومين.
الشاباك والمؤسسات الإسرائيلية الأخرى قالت إنها لا تملك سجلا أمنيا أو سوابق عن منفذ هجوم مستوطنة النبي يعقوب في القدس الشرقية.
مدير الاستخبارات الأمريكية وليام بيرنز هرع إلى تل أبيب وسيزور رام الله والقاهرة. دبلوماسي أمريكي قال إنه سيطرح حقائق جديدة على الحكومة الإسرائيلية.
أظن أن الحقائق الجديدة لن تخرج عن أن إسرائيل دخلت أصعب مرحلة في تاريخها بمواجهة فدائيين غير منظورين، ولن يوقف هذه المرحلة الاعتقال العشوائي لعائلات المهاجمين أو هدم منازلهم وتهجيرهم من القدس وتسليح المستوطنين.
خطوة العقاب الجماعي والتهجير تعود بها إسرائيل إلى جذورها التي سبقت تأسيسها كعصابات صهيونية لا تحكمها شرعية أو قانون محلي ودولي.
الحقائق الجديدة لابد أن تقول إن التكتل الحكومي اليميني المتحالف صراحة مع الصهيونية الدينية وغيرها من الأحزاب الدينية خلق أجواء بالغة الخطورة لا يمكن حلها بوساطات القاهرة أو السلطة الفلسطينية في رام الله، وينبغي أن يسمع برانز ذلك من الجهتين اللتين سيذهب إليهما.
ولن تخرج زيارة وزير الخارجية انتوني بلينكن عن تلك النظرية.
أن تتحول القدس إلى ميدان ومنطلق لفدائيين جدد. ذلك لم يخطر على بال تل ابيب ولا على بال واشنطن عندما نقلت سفارتها إليها.
منفذ عملية القدس الشرقية خيري علقم من مخيم شعفاط في القدس المحتلة، ويحمل اسم جده، الشهيد خيري علقم، الذي طعنه المستوطن اليهودي حاييم فرلمان بتاريخ 13 مايو 1998.
خيري يبلغ من العمر 21 عاما، ولا توجد خلفية أمنية سابقة أو نشاط تنظيمي له، وهو من سكان مخيم شعفاط بالقدس المحتلة، ويعمل في مجال الكهرباء، وأنهى دراسته من مدرسة الطور الشاملة في مدينة القدس المحتلة.
اعتقلت القوات الإسرائيلية عائلته وأغلقت منزله في القدس واتخذ مجلس الوزراء المصغر للحكومة المتطرفة قرارات بعدم منح عائلات المهاجمين بطاقات هوية في القدس وقائمة عقوبات أخرى ومنح تراخيص سلاح للمستوطنين، وكلها تندرج في قاموس الفاشية والعنف المضاد، الذي يؤدي لخلق عشرات أو مئات من الفدائيين الجدد غير المرئيين، وإلى مزيد من التصعيد الذي لا تستطيع القوة الإسرائيلية المفرطة أن تتعامل معه كما تعاملت سابقا مع حماس أو قطاع غزة.
ائتلاف التكتل الحكومي المتطرف سيؤدي لحرب شبحية لا تحقق الأمن لدولة تأسست على الذراع الطويلة المتفوقة عسكريا بالدعم الأمريكي.
 قال رئيس حزب “الصهيونية الدينية” بتسالئيل سموطريتش للأعضاء العرب في الكنيست “إنكم موجودون هنا بالخطأ لأن بن جوريون لم يكمل مهمته بالقضاء عليكم”
حصل هذا الحزب على وزارة المالية ووزارة الهجرة والاستيعاب ووزارة البعثات الوطنية.
كما منح رئيسه
منصب مسؤول رئيسي للاستيطان في الضفة الغربية المحتلة.
يشمل الائتلاف الحكومي حزب “القوة اليهودية” شديد التطرف بزعامة إيتمار بن غفير الذي منح حقيبة الأمن الداخلي، وشرحه آفي ماعوز الممثل الوحيد في الكنيست لحزب “نوعم” العنصري المتشدد.
حكومة دينية صهيونية بالغة التطرف تعادي وضع القدس كمدينة للمقدسات، وتعمل على جعلها مدينة يهودية لا مقدسات إسلامية أو مسيحية فيها، وهذا هو الفخ الذي سيحول القدس إلى مركز شرارة لمقاومة جديدة كتلك التي رأينا بوادرها في القدس الشرقية والبلدة القديمة.
نقرأ ذلك بوضوح في سطور بيان اتفاق نتنياهو ورئيس حزب الصهيونية الدينية “اليوم نتخذ خطوة تاريخية أخرى لإقامة حكومة يهودية وصهيونية وقومية تعيد الأمن وتوسع المستوطنات”.
القادم بناء على ذلك أسوأ بكثير إذا لم تستمع تل أبيب للحقائق الجديدة.
ففي الضفة الغربية المحتلة نحو نصف مليون مستوطن يهودي في مستوطنات، يمكنهم الحصول على سلاح وفق إجراءات الحكومة المتطرفة، وهؤلاء المستوطنون يعتبرهم المجتمع الدولي غير قانونين، ومن بينهم نحو 200 ألف يقطنون في القدس الشرقية المحتلة.
من يمكنه إطفاء نار أشعلتها حكومة دينية يهودية صهيونية متطرفة تهدف إلى استئصال مقدسات الديانتين السماويتين الأخريين وأتباعهما؟..
أشد أنوع الحروب شراسة وألما الحرب الدينية.

2
2

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى