اضحك بالدموع مع مواقف أسطورة النكتة بالحي المحمدي المرحوم كيرا
أطلس توداي: عبد الله شوكا
إذا تحدثنا عن مشاهير الحي المحمدي، فأكيد سنذكر أيضا أسطورة النكتة كيرا رحمه الله، كيرا الذي عاش فقيرا ومتواضعا وبسيطا، إلا أنه كان عملاقا في مجال نسج النكتة الآنية والخارقة، التي تجعلك لا تحتفظ على توازنك دون الانخراط في ضحك هستيري لا نهاية له.
عاش كيرا وسط عائلة ينخرها الفقر المذقع في حي سوسيكا بالحي المحمدي، وبالرغم من فقر العائلة إلا أن كيرا عرف بإدخال السعادة بنكته الأسطورية على عائلته الفقيرة، وعلى أبناء الحي المحمدي، نكت خالدة مايزال يتداولها عشاق النكتة في جلساتهم السمرية، وعرف كيرا كذلك بعشقه وحبه الجارف لفريق الطاس.
ويذكر أبناء الحي المحمدي أن جموعا غفيرة حضرت ورافقت نعش كيرا يوم وفاته، جموع لم يحضر مثيل لها حتى في نعش وزير أو زعيم سياسي.
وكتذكار منا للمرحوم كيرا ظاهرة النكتة، اخترنا لكم البعض من نكته الخالدة والطريفة.
بعد عودة المنتخب المغربي من ميكسيكو 1986 مقصيا من الدور الثاني بتلك الاصابة الشمتة التي سجلها اللاعب الألماني ماتيوس، كان كيرا مارا بالقرب من مسجد كانت تقام فيها صلاة الجمعة، ولما تساوت الصفوف للصلاة، نظر كيرا الى جموع المصلين وخاطبهم بالقول ” كون درتو بحال هذا الصف كعما تسجل هاديك الكوفرا ديال ماتيوس”.
- كان كيرا في جلسة سمر مع صديق له من جنسية تونسية، تناول كيرا وصديقه التونسي العشاء، وبعد جلسة سمر استسلما لنوم عميق، إلا أن كيرا أزعجه شخير صديقه التونسي، وفي الصباح وهما يتناولان الفطور، أشار كيرا الى صديقه التونسي كونه لم ينم الليل بسبب انزعاجه بشخير صديقه، فأنكر الصديق التونسي بعدم شخيره، فبقي كيرا يحملق في الصديق التونسي وخاطبه ” إيوا باز الحمد لله كاينة بيناتنا الجزائر”، من ذكاء كيرا بهذا الرد، اراد القول كون الشخير سوف لن يسمع مباشرة من تونس الى المغرب، كون توجد الجزائر بين البلدين تونس والمغرب.
- كان كيرا يتجول في الحي المحمدي، فالتقى بائع سمك متجول، وسأله كيرا هل عنده سمك ” الراية”، فأجابه بائع السمك بنعم، فرد عليه كيرا ” إوا علقها”، ثم انصرف كيرا وكأن شيئا لم يكن.
- كان كيرا يقضي قيلولته في منزلهم بحي سوسيكا، فأزعجه بائع الليمون المتجول بصياحه بين زقاق حي سوسيكا، كان بائع الليمون المتجول يصيح بصوت مرتفع ” ها النافيل ها النافيل”، فانزعج كيرا وخرج غاضبا وخاطب بائع الليمون وقال له ” أخويا الا كنت فيل سير للحديقة لاش مصدعنا هنا”.
- اشترى كيرا حذاء رياضيا ” كوداص”، وخبأه تحت السرير الذي ينام فيه، وذات مساء عاد كيرا الى البيت ولم يجد الحذاء الرياضي ” الكوداص”، فسأل أمه غاضبا، أين الحذاء، فاجابته أمه كون والده هو من لبس الحذاء وخرج للعب الضاما، فخرج كيرا غاضبا وتوجه نحو والده المنهمك في لعب الضاما مع متقاعدي حي سوسيكا، خاطب كيرا والده وقال له ” الوالد هداك الكوداص راه ديال الكرة ماشي ديال الضاما”.
- عرف الحي المحمدي ذات يوم جريمة قتل ورمي للجثة جانب السكة الحديدية، وأخبر رجال الأمن أن القاتل معروف ببشرته السمراء، فقام رجال الأمن وتم إلقاء القبض على جميع ذوي السحنة السمراء في الحي المحمدي بمن فيهم كيرا، وفي مخفر الشرطة بينما كان الجموع خائفين من تلفيق التهمة، كان كيرا يصيح وسط الجموع ” يالاه المؤتمر الافريقي غادي يبدا خاصنا غير حضور الرئيس سيسيسيكو “.
- ذات صباح توجه كيرا كعادته الى مقهى السعادة المكان المفضل إليه، وانخرط كيرا في لعب الفليبير لوحده، فجأة وقف عليه شخص أسمر اللون ويرتدي فوقية بيضاء اللون، وكان الفصل صيفا، وبينما كان كيرا منصب اهتمامه على ضرب الكرات، شرع الشخص في مخاطبة كيرا ” كيرا اضرب الكرة الصفراء، كيرا اضرب الخضراء”، فانزعج كيرا وخاطب الشخص ” نضرب الخضراء ولا الصفراء واش انا كنضرب في الهندية”، ثم أضاف ” بعد مني انت بحال بولفافة” إشارة للونه الأسود وفوقيته البيضاء، ومن ذكاء كيرا شبه الشخص ببولفافة.
- كان وقت الحملات الانتخابية، ولاحظ كيرا أحد المترشحين يطوف على البيوت ويدعوهم للتصويت عليه مقدما لهم برنامجه ووعوده، وعرف برنامج المترشحين في حقبة السبعينات بالعبارة المشهورة في تلك الحقبة ” غادي نجيب ليكم البولات للدرب، ونزفت ليكم الشانطي”، كان كيرا يستمع بإمعان لوعود المترشح الذي كان يطوف بين دروب الحي المحمدي.
فما كان من كيرا إلا القيام بحملته كذلك وترديد ما كان يقوم به مترشح الانتخابات، كان كيرا يطوف بين البيوت والمنازل ويقدم لهم برنامجه الغريب، كان كيرا يدق على العائلات ويقول لهم ، ” صوتوا علي وسأقوم ببناء سقف على الحي المحمدي كله، وستتوسطه ضواية كبيرة، وسأقوم بسقي جرادي الحي المحمدي بكوكا”. - عرف في السبعينات بعصر الرصاص والحملات الأمنية المشددة أو ما كان يعرف بحملات ” لاراف” ، وفي ليلة كان كيرا واقفا في الدرب مع جموع من الأصدقاء، وفجأة توقفت سيارة مكتوب عليها إشهار شركة ” كنور”، ونزل منها رجال أمن بالزي المدني وطلبوا من الجموع بمن فيهم كيرا بالصعود الى السيارة لحملهم الى مخفر الشرطة والتحقيق معهم ، وبينما أصيب الجموع بالخوف الشديد، صاح كيرا في وجه رجال الأمن وقال لهم ” أنا اللي عارف كنور كاين غير في البكري والغنمي وكيفاش اليوم ولا حتى بالحناش”.
- ارتآى كيرا يوما أن يفتح محلا لبيع البصارة، وقرر أن يحدد الثمن في درهم واحد “للزلافة”، وذات يوم كانت الجموع تلتهم بصارة كيرا اللذيذة، فصاح أحد الزبناء محدثا هرجا في محل كيرا، وشرع في الصياح ” كيرا كيرا”، ولما التحق به كيرا، شرع الزبون في الاحتجاج كونه وجد صرصارا في زلافة البصارة، فرد عليه كيرا بدم بارد” اشرب الى باغي تشرب انت عاطي درهم وباغي تلقى الذهب، ضروري غادي تلقى سراق الزيت”.
- توجه كيرا ذات صباح من الحي المحمدي الى وسط المدينة، ودخل الى مقهى، وبما أنه كان لا يتوفر على دراهم، شاهد زبونا ذاهبا الى المرحاض تاركا كأس قهوة، فما كان من كيرا إلا التوجه مسرعا الى الكأس وسكبه على الفور، ولما عاد الزبون ووجد الكأس فارغا، شرع في الاحتجاج على كيرا، وبدأ في مخاطبة كيرا ” فين الكاس”، أجابه كيرا ” داتو البرازيل” ، أضاف الزبون مخاطبا كيرا ” انا كندوي على هنا”، رد عليه كيرا ” داتو الوداد”.
- امتطى كيرا الاوطوبيس وبما أنه كان يرتدي لباسا رثا، ابتعد منه الراكبون وتجمعوا كلهم قرب السائق ، وبقي كيرا لوحده خلف الاوطوبيس قرب القابض، فخاطبهم كيرا ” واش أنا باغي نخرج ليكم كورنير”.
- احتاج كيرا ذات يوم لبعض الدراهم لشراء سجائر، وكان في حاجة ماسة للتدخين، بحث في كل مكان ولم يجد درهما واحدا، فاهتدى الى البحث بين صور العائلة القديمة، فوجد صورة جده وتوجه بها الى أحد البقالة وخاطبه كيرا ” تشري صورة مولاي إسماعيل “.
رحل كيرا رحمه الله الى العالم الآخر، وترك زخما من النكت الخالدة والخارقة يستأنس بها عشاق النكتة في جلساتهم.
رحم الله كيرا وأدخله فسيح جناته.