احتفالات رأس السنة في السعودية تبرز حجم التغيير الكبير
أطلس توداي: القاهرة – فراج إسماعيل-…….
أول رأس سنة ميلادية تمر على السعودية بعد التغير الثقافي الكبير الذي طرأ عليها لفت أنظار الصحافة العالمية الكبرى.
صحيفة وول ستريت جورنال علقت على الإحتفال غير المسبوق الذي حول “جدة البلد” أو جدة القديمة في وسط المدينة الساحلية إلى مسرح كبير يتلألأ بالأضواء المبهرة وبرقصات 25 الف فتاة وشاب يرتدون الجينز في اختلاط يؤكد حجم التغير الاجتماعي، بما أظهره من ثورة على قواعد اللبس التقليدية التي كانت مفروضة من قبل على النساء.
صحيفة الواشنطن بوست قدمت تفسيرا آخر يتمثل في إعلاء شأن “القومية السعودية” بتاريخها قبل الإسلام والذي كان ينظر إليه من قبل على أنه ” تاريخ جاهلي ” وانسحاب الهوية السعودية من الهوية الإسلامية التي سادت خلال سطوة المؤسسة الدينية وتحالفها مع النظام الملكي ونفوذ الشرطة الدينية “هيئة الأمر بالمعروف”.
وتسمي الواشنطن بوست ذلك بإعلاء مشاعر الحماسة الوطنية. ظهر ذلك واضحا عقب الفوز على الأرجنتين في مونديال قطر، وتعليقات أعمدة الصحف السعودية وإشادتها بذلك، وأن حقبة جديدة قد بدأت تتغير بها أي صورة نمطية سابقة عن المملكة.
ويقع الفخر السعودي في طليعة التحول الاجتماعي والاقتصادي بقيادة ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، القائد الفعلي الشاب للمملكة، والذي ترتكز خططه الكبرى للبلاد على تعبير أكثر وضوحًا عن القومية السعودية.
ما تكشفه الواشنطن بوست هو دور أكبر لقطاع الترفيه أكثر مما ظهر في ليلة رأس السنة في حفل الرياض الذي جمع كثرة من مطربي العالم العربي قدمت به المملكة نفسها “هوليود الشرق”.
تقول الصحيفة الأمريكية “يعمل قطاع الترفيه على حشد الشباب من أجل قضية القومية السعودية، ويتم تشجيع السعوديين على استكشاف البلاد، مع قيام الدولة بالترويج للمواقع التراثية مثل العلا والتأكيد على تاريخها الجاهلي. أصبح العلم السعودي أكثر وضوحا في العاصمة الرياض من أي وقت مضى.
كان خلق فرص عمل لأغلبية ساحقة من الشباب عنصرًا أساسيًا في رؤية الأمير 2030 ، وهي مجموعة إصلاحات طموحة أُعلن عنها في عام 2016. وقد تم تطبيق سياسات “السعودة” لضمان توظيف شركات القطاع الخاص للمواطنين السعوديين بدلاً من العمالة الأجنبية الرخيصة في مستشفيات ومطاعم وسيارات أجرة وسلسلة فنادق طويلة.
ولا يزال نطاق “السعودة” يتوسع مع إضافة مهن جديدة إلى القائمة. في أكتوبر الماضي، أضافت وزارة الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية المزيد من التعيينات المحلية في العمل الاستشاري، وهو مجال سريع النمو في جميع أنحاء (الخليج الفارسي) وحددت هدفا لتوظيف السعوديين بنسبة 35 في المائة بحلول أبريل 2023 و 40 في المائة بحلول مارس 2024.
وقالت المملكة إنها ستوقع عقودًا مع شركات أجنبية فقط إذا كان لها مقار في البلاد. وتأمل الحكومة أن تعالج هذه التحركات ارتفاع معدلات البطالة بين الشباب وتقليص القطاع العام المتضخم ودعم خزائن الدولة.
لكن الصحيفة ترى أن هذا الانفتاح لا يسري على المعارضة، فقانون مكافحة الإرهاب المحدث في 2017 منح السلطات أدوات جديدة لسحق الانتقادات العلنية، مثلا يسمح تطبيق الهاتف “كلنا أمن” للمواطنين بالإبلاغ عن أولئك الذين ينتقدون الدولة.
ويمكن أن تكون هناك عواقب لعدم كفاية المشاعر الوطنية، فعندما لم يقف قاضيان خلال النشيد الوطني في عام 2018 ، تم فتح تحقيق بشأنهما ، تلاه موجة من المقالات الافتتاحية التي تدينهم كعملاء لمنظمة مدرجة على القائمة السوداء.
وتضيف الواشنطن بوست “الكتب المدرسية السعودية المطبوعة في عام 2019 تمجد الحياة قبل الإسلام في شبه الجزيرة العربية، والتي كانت تُقدم سابقًا على أنها فترة مظلمة وجاهلية.
وتنقل الصحيفة عن كريستين سميث ديوان المحللة في معهد دول الخليج العربية في واشنطن قولها إنه لأكثر من عقد من الزمان، لم يُسمح للسعوديين بالاحتفال بحرية باليوم الوطني، وهو عطلة رسمية لم يفرضها الإسلام، وأصدر علماء الإسلام فتاوى تحظر أي احتفالات ذات صلة ، خشية أن تطغى على الأعياد الدينية.
مع تضاؤل تأثير علماء الدين والشرطة الدينية ، كانت احتفالات العيد الوطني هذا العام أكبر من أي وقت مضى، حتى أن الدولة اعتمدت عطلة أخرى تسمى “يوم التأسيس”.