أمير نيجيري يستحضر علاقات المغرب وإفريقيا جنوب الصحراء
أطلس توداي :الرباط- لطيفة بجو –
المغرب وإفريقيا، تاريخ طويل وعريق وعلاقة راسخة ومتجذرة في القدم وامتداد روحي وثقافي وإنساني. هذا ما أكدته مرة أخرى المحاضرة التي نظمتها كلية الآداب والعلوم الإنسانية بالرباط يوم الخميس 02 فبراير 2023، والتي ألقاها الأمير محمد سنوسي الثاني، أمير ولاية “كانو” بنيجيريا، حول” جوانب من العلاقات التاريخية بين المغرب وإفريقيا جنوب الصحراء”.
كان اللقاء مناسبة للإشارة مرة أخرى إلى أهمية الروابط الثقافية والروحية التي تجمع المغرب وإفريقيا جنوب الصحراء، بالإضافة طبعا إلى الروابط السياسية والاقتصادية والمالية وغيرها.
أكد المحاضر أن العلاقة بين المغرب وإفريقيا جنوب الصحراء، خصوصا شمال نيجيريا، تعود إلى قرون طويلة وما نراه اليوم ليس إلا عودة إلى الأصل وإلى ما كانت عليه من قبل. لقد لعب المغرب والمغاربة دورا مهما من أجل نشر الإسلام وترسيخه بإفريقيا جنوب الصحراء، إذ سيتم اعتماد تعاليمه في النظم الحياتية وضوابط الوقت والموازين الشرائية، كما سيتم اتباع أسس ومناهج التعليم المغربية بالمعاهد العلمية العتيقة؛ فلحد الآن، لا زالت هذه الدول تتبع في تعليمها رواية ورش وتعلم طلاب العلم الخط المغربي وتسهر على تعليمهم حفظ المتون بالطريقة المغربية.
وأشار محمد سنوسي الثاني أيضا أن علاقة المغرب بإفريقيا جنوب الصحراء كانت في بداياتها تجارية، لتصطبغ بصبغة دينية وروحية، بفضل الدول والأسر التي تعاقبت على حكم المغرب كالدولة المرابطية والموحدية والسعدية وغيرها، والتي عملت على أسلمة المنطقة، وبالتالي أصبحت كل العلوم الدينية تأتيهم من المغرب. فقد وصلت الخلافة الإسلامية إلى السودان والسينغال أيضا، كما أن خطبة الجمعة في تمبكتو كانت تتم باسم سلاطين المغرب، حيث عبرت هذه الدول دوما عن ولائها ومبايعتها لسلاطين المغرب.
لقد كان العلماء المغاربة يتحدثون بمحضر الملوك الأفارقة، وتمنح لهم مكانة رفيعة، كما كان هؤلاء الملوك يعتمدون عليهم من أجل تنظيم شؤون الإدارة والسياسة والحكم والجهاد بالإضافة إلى الأسس الفكرية التي يقيمون عليها إماراتهم، وبالتالي أصبحت هذه الدول والإمارات كالمغرب، من حيث عقيدتها السنية ومذهبها المالكي.
و بلغت العلاقات المغربية الإفريقية أوجها خصوصا – بصفة خاصة هنا مع نيجيريا- مع ظهور الزاوية التيجانية في فاس حين يَسر السلطان العلوي المولى سليمان لسيدي أحمد التجاني، السبل من أجل نشر الإسلام وطريقته التيجانية في القارة. ومن هنا أصبح كل التجانيين بإفريقيا مرتبطين وموالين للدولة العلوية الشريفة. وفي هذا الصدد، ذكر الأمير المحاضر بأن آخر زيارة له للمغرب كانت في مارس 2022 من أجل تجديد البيعة لصاحب الجلالة الملك محمد السادس، حيث كان بصفته الخليفة العام للطريقة التجانية بنيجيريا على رأس وفد ضم أكبر القادة التجانيين.
تحدث الحضور أن موضوع هذه الندوة اليوم جاء ليسلط الضوء على علاقة المغرب بإفريقيا من منظور إفريقي، وليس استعماري، حيث تمت الإشارة إلى أن الصحراء المغربية كانت دوما جسرا للتواصل المغربي الإفريقي عبر التاريخ على كافة الأصعدة، وما المشكلة القائمة حاليا حولها إلا صنيعا استعماريا من أجل قطع هذه العلاقة، وما يقوم به اليوم بعض الجيران ليس إلا تنفيذا لهذا المخطط الاستعماري. ومن المنتظر أن تساهم عدة أسباب في استعادة هذه العلاقة لقوتها وصلابتها ومتانتها السابقة، من بينها أنبوب الغاز بين المغرب ونيجيريا.
إن ارتباط المغرب بإفريقيا هو الأصل، بينما بالمناطق الأخرى كان طارئا فقط. لقد اكتست هذه العلاقة دوما أبعادا ثقافية وروحية، ولم ترتبط فقط بمجالات المال والأعمال والاقتصاد والسياسة. إنه شعور بالانتماء الحضاري المشترك وإلى الإسلام.
تجدر الإشارة أن هذا اللقاء عرف حضور شخصيات وازنة من سفراء أفارقة بالرباط وشخصيات من السلك الديبلوماسي المعتمد بالرباط وأساتذة وطلبة ومهتمين بالعلاقات المغربية الإفريقية.