أكلة الحشرات اللذيذة
أطلس توداي: لطيفة بجو
جولة بأحد المتاجر الكبرى بالقسم المخصص للحلويات، جعلني أفكر أن الحشرات ستغزونا في مستقبل قريب جدا.
تذكرت أنه قريبا، سنستهلك الحشرات، وربما قد تليها القطط والكلاب والأفاعي والحمير وغيرها. هل هي لذيذة أم لا؟ أصدقكم القول، فأنا لم آكلها من قبل. هل هي صحية؟ يبدو أنها كذلك، بل أكثر، فهي حسب المختصين في الأغذية غنية بالبروتينات ويمكن أن نستغني معها عن استهلاك اللحوم.
إذن سنرى على موائدنا خبزا بالعنكبوت، ومعكرونة بالديدان، وبيتزا بالنمل، وسنحضر حريرة بصلصة طماطم أساسها صراصير، وننهي الأكل بتحلية على شكل لوحة شوكولاتة من ديدان الأرض. لكم أن تختاروا النكهة التي تفضلون، ونوع الحشرات التي تحبون، طائرة أو زاحفة، وكأنكم تنتقون طعامكم من قائمة مطعم. معذرة إذا جعلتكم تشعرون بالغثيان.
ولإقناع المستهلك بمنافع الحشرات كبديل لبروتينات اللحوم الحمراء، انتشرت مؤخرا فيديوهات عبر الانترنت، شبه مؤكد أنها من إعداد الشركات المربية للحشرات، بهدف ترسيخ فكرة أهمية استهلاك هاته المخلوقات في عقل المستهلكين وقبولها وبأنها ليست مضرة، وأنها هي الحل الوحيد والأوحد. نوع من الضجيج الإعلامي وتقنية تسويق ومبيعات تستخدمها كبريات الشركات، حتى تصبح فكرة استهلاك هذا الوافد الجديد جد عادية ومُرحبا بها مع مرور الوقت. لهذا الغرض، يتم تقديم الموضوع وكأنه تقدم علمي مهم، وستتمكن معه البشرية من إحراز نمو لا مثيل له.
لا يهمنا أنه سيتم إطعام هذه الحشرات بغذاء عضوي بنسبة 100 %؛
ولا أنه سيتم إنتاج 25 طنا من الحشرات سنويا من عدة أنواع، طائرة وزاحفة، حتى تستجيب للطلبات؛
ونحن لا نهتم أن 40000 صرارا فقط سيوفرون ما يعادل 1000 حصة من اللحم؛
لن ينفعنا في شئ إذا علمنا أن استهلاك الحشرات لن يكون له أي أضرار على البيئة، لأن مزارع الحشرات تصدر 100 مرة أقل من الغازات المسببة للاحتباس الحراري، مقارنة مع مزارع اللحوم التقليدية؛
ولن نستفيد شيئا إذا أُخبرنا أن الحشرات تحتاج 50 مرة أقل من الماء، وتستغرق أسابيع قليلة فقط حتى تكبر وتصبح صالحة للاستهلاك، قبل أن يتم غليها وتجفيفها ثم طحنها وإضافتها للمواد الغذائية.
إن ما يهمنا كمواطنين مغاربة هو: ماذا عن بلادنا؟ ما هو القرار الذي سيتخذه المغرب اتجاه هذه المنتوجات؟
هل سيُسمح بدخولها البلاد، وعلى المواطن أن يختار بين شرائها من عدمه، أم هل سنراها في أسواقنا، كما كنا إلى عهد قريب نجد سلعا أجنبية عبرت الحدود بطريقة أو بأخرى؟
وفي حالة لم تبد بلادنا أي اعتراض بخصوصها، فكيف سنتمكن من التعرف على المنتوجات التي تحتوي على دقيق الحشرات من غيرها، خصوصا وأن بعض الشركات تتعمد أحيانا عدم الإشارة فوق ملصق العلبة إلى كافة المعلومات التي تهم المنتج؟
كيف نحمي أنفسنا من الأمراض والأسقام التي يمكن أن تحدثها هذه المنتوجات؟ لأن الشئ الأكيد هو أن أجسام الكثير من المستهلكين لن تتقبل بروتينات الحشرات، وهو ما أعلن عنه العلماء والباحثون أنفسهم؛
وماذا عن الأطفال والرضع الذين سيبدؤون حياتهم باستهلاك منتوجات كهذه، ما دامت الشركات تتحدث عن استعماله في حليب الأطفال أيضا ؟
التحدي الأكبر أمام الشركات المنتجة يكمن في إقناع المستهلك عبر العالم بأهمية المنتوج الجديد، مع العلم أن أزيد من مليارين من سكان الكرة الأرضية لا يشكل استهلاك الحشرات في مجتمعاتهم أي مشكل، كشعوب آسيا التي تتغذى عليها أيضا منذ زمن بعيد، وربما لآلاف السنين قبل أن يتحدث عنه الاتحاد الأوربي بداية 2023.
وفي انتظار الحصول على أجوبة شافية عن كل تساؤلاتنا، سنقول إذن وداعا للحلويات والشوكولاتة والرقائق والمعكرونة والبيتزا والصلصة والبطاطس المقلية ولوحات الحبوب والخبز والبسكويت الجاف واللحم المفروم…على ما يبدو… وداعا لكل شئ، لأن الحشرات ستغزو كل شئ.