أصداء مونديال العرب من جزيرة العرب…
الدوحة اطلس توداي : حسن مبارك اسبايس
هنا العاصمة القطرية الدوحة… المدينة- الدولة التي تحولت هذه الأيام إلى ملعب كبير لكرة القدم تصل طاقته الاستعابية لملايين عشاق كرة القدم من مختلف الألوان والأطياف والجنسيات والمشارب. رقعة أرضيته الخضراء تتسع لـ32 منتخبا وطنيا وعشرات المدربين والحكام والإداريين والكوادر الطبية… هنا سيستمتع الجميع بنسخة قيل عنها الكثير سلبا وإيجابا ولكن قولا واحدا ستكون بلا أدنى شك النسخة الأبرز والأميز بل بكل بساطة نسخة استثنائية في تاريخ كأس العالم لكرة القدم.
حوالي عشرة أيام إذن تفصلنا على ضربة البداية لمونديال كل العرب، الأول من نوعه في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا والعالم العربي. بطولة ليست كسابقاتها بمميزات ونكهة عربية صرفة من قلب جزيرة العربن نعم من تخوم صحراء العرب وأرض “رعاة الإبل ” – الصفة القدحية التي يبرر بها الكثيرون هجومهم على قطر وجرأتها وتجرئها على طلب استضافة حدث رياضي كروي بهذا الحجم.
مستعدون؟ الجواب نعم وبكل ثقة. الدوحة وملاعبها الثمانية العالمية لبست ثوب الزينة- زينة ألوان البطولة، وشوارعها وأبراجها وبناياتها وازقتها ومنشآتها كلها لبيت ثوب والوان البطولة، وتزينت لاستقبال ضيوفها من البعثات الرياضية ووفود المشجعين والوفود الإعلامية لتغطية البطولة.
دعوني هنا كشاهد على العصر، أقدم شهادتي المبنية على مشاهدتي وقربي من دائرة الحدث. شهادتي في حق بلد عربي صغير بطموحات كبيرة “تجرأ” على مقارعة الكبار ومزاحمتهم بلا “حياء” في طلب تنظيم بطولة بحجم كأس العالم! ما هذه الجرأة ؟! وكيف لبلد لا يتجاوز عدد سكانه عدد جماهير نادي لكرة القدم من الأندية العادية في أي دوري أوروبي مزاحمة “العمالقة” في طلب استضافة كأس العالم؟ .. اسئلة وأخرى لا يتسع المقام لذكرها طرحت وقت قررت دولة قطر تقديم ملف ترشحها لاحتضان البطولة.
فمبجرد تقديم الملف بشكل رسمي للفيفا، ظهرت النوايا “الحسنة” وكشف القناع على وجوه ما يسمى بالعالم المتحضر والديمقراطي الذي يؤمن بحق كل الشعوب في المساواة والتساوي في لعب دور ما أو تنظيم تظاهرة ما أو استضافة حدث رياضي او غيره. فقد كالت تلك القوى لقطر من ” الحب” و”الاحترام” ما لم يقله مالك في الخمر. كل ذلك لأن هذا البلد العربي الخليجي القابع في أعماق صحراء الخليج تجرأ على منافسة الكبار ومزاحمتهم على احتضان التظاهرة الأكبر على الإطلاق في مجال كرة القدم في العالم.
شاءت الأقدار أو تم التخطيط لذلك، لا أدري، أن يختار الفيفا في العام 2010، وبالضبط في 2 ديسمبر، أن يحسم في ملف اختيار البلدين المنظمين لبطولتي كأس العالم 2018 و2022 في نفس اليوم . وتقدمت دول عدة أوروبية وغير أوروبية إلا أفريقيا وقتها لأنها كانت احتضنت نسخة صيف 2010 أي أشهرا قليلة قبل التقرير في الملفين المذكورين، وفازت روسيا بحق استضافة 2018 على حساب الإنجليز ثم قرر في الملف الثاني وفازت قطر باستضافة نسخة 2022.
طبعا قد سبق الإعلان عن فوز قطر حملات شرسة من عدد من الجهات واللوبيات والدول والمؤسسات بدواعي مختلفة وبحجج أغلبها حاقدة ومجحفة، وبعضها الآخر يلبس ثوب العقلانية المغرضة كالتحجج بارتفاع درجات الحرارة في الصيف، وصغر مساحة البلد وخصويته المحافظة غلى آخره من الحجج والتي اتخذت في احيان كثيرة منحى الهجوم الممنهج من خلال تسليط الآلة الإعلامية لعدد من دول العالم المتحضر… لكن الحملة بلعت أشدها بمجرد إعلان اسم قطر بلدا مستضيفا للبطولة.
والغريب أن أكثر الهجومات شراسة كانت من دول لم تنافسها قطر ولم تأخذ حقها في التنظيم ، وهنا أشير إلى إنجلترا التي خسرت سباق الاستضافة لحساب روسيا ولكنها لمت تتجرأ على روسيا وقوتها فصوبت آلتها الإعلامية وكل اللوبيات ضد قطر وكالت من التهم والانتقادات والحقد ما لم يسبق له مثيل في تاريخ البطولة لأي بلد من قبل.
الضغط والمعاناة التي عاشها الإخوة في قطر لم تكن لتصمد أمامها الجبال. فقد تعرضوا لجميع أشكال الابتزاز والضغط والتشكيك واتهام الذمم والاستهزاء والاستقصاد وكل أنواع الترهيب والتشكيك التي قد لا تخطر ببال . بدأت المشاريع من بناء وإعادة بناء الملاعب والطرقات ومترو الأنفاق وتطوير شبكة الاتصالات وبناء الجسور ومدة القنوات، وبدأ معها الضغط من الإعلام الغربي المغرض وتوجيه تهم مجانية متعلقة بحقوق العمال واستغلالهم وقضاء بعضهم خلال عمله في تلك المشاريع وقامت بعض الجهات الإعلامية بإيفاد مراسلين سريين لتصوير وفبركة تقارير عن أوضاع العمال والحديث عن الانتهاكات الجسيمة لحقوقم إلى آخره من المناورات، لكن مع مرور الوقت كانت كل تلكم الاتهامات تفند بالدلائل، فتظهر أخرى واستمر السيناريو على مدار 12 سنة بين إعلانن الاستضافة وتاريخ إقامتها بعد أيام قلائل من الآن.
حتى لا أطيل في سرد الأحداث، وما أكثرها، أختصر فأقول إن محاربة الغرب، ومع الأسف حتى بعض الدول العربية، لملف قطر ولحقها في تنظيم كأس العالم لا يعدو كونه بدافع الحسد والاستكثار في أن ينافس بلد عربي صغير المساحة والسكان كبير الإرادة دول كبرى وقوى استكبار عالمية فيما تدعي أنه حق حصري لها، وكسرت قطر حاجز التخوف والخضوع لقانون الأكبر والقوي دائما صاحب حق، وردت بعض الاعتبار للعرب وإن كان في لعبة يصفها الكثيرون بأنها تافهة وأنها تشغل الشعوب عن قضاياها المصيرية وفيها مضيعة للوقت، لكن إن كانت كذلك فإنهم يستكثرونها فينا ولا يروقهم أن نزاحمهم حتى في التافه من الأمور بما بالك أن نزاحمهم في ميادين أكثر جدية، لكن ذلك قولهم بألسنتهم أما ما تخفي قلوبهم فلا يعلمه إلا الله، لذلك علينا أن نستخلص العبرة من هذا الحدث الرياضي ونكتسب القليل من الجرأة لطلب القيام بما هو أكبر، من باب ليس هناك مستحيل وما ضاع حق وراءه طالب.
وبالعودة إلى الأجواء هنا في الدوحة أيام قليلة جدا على انطلاقة مونديال كل العرب- كما أطلق عليه أمير قطر عند افتتاحه لأول ملعب جهوزية للمونديال استاد خليفة الدولي منذ خمس سنوات مضت- فإن الأمور باتت جاهزة تماما وكل سبل النجاح توفرت في انتظار بداية وصول الوفود والجماهير، بل إن حتى الطقس أصبح رائعا وكل سبل مونديال ناجح ومن الليالي العربية الملاح ( ألف ليلة وليلة) متوفرة، وقد صرح بذلك رئيس الاتحاد الدولي لكرة القدم جياني إينفانتيو بالأمس في تصريحات صحفية قال فيها إن مونديال قطر سيكون الأفضل والأروع.
بالنسبة للمشاركة المغربية، فإن العلم المغربي يرفرف منذ مدة في كل أرجاء قطر واهم شوارعها والجماهير المغربية تستعد ببروفات يومية للتشجع والدعم للأسود والعديد من المتتبعين والعارفين بخبايا المستديرة يرون في منتخبنا منافسا شرسا لن يكون لقمة سائغة لمنافسيه ويرشحونه للظهور بمستوى كبير بالنظر لما يحويه من نجوم كبار ولاعبين على الرغم من صغر سنهم إلا أنهم يمارسون في أكبر الأندية الأوروبية.
ترقبوا الأروع في مونديال كل العرب!