تحقيق

مكتبة الليدو…أو الحفرة بفاس

أطلس توداي: لطيفة بجو

يعرفه سكان المنطقة ب “سوق الليدو” أو “سوق الحفرة”. إنه أحد أكبر أسواق بيع الكتب المستعملة في المغرب، يوجد بعاصمة المغرب العلمية فاس، ويعرفه مواطنون من مدن أخرى كذلك، لما يزخر به من كتب جامعية ومدرسية، في مجالات مختلفة ومتعددة من أدبية وعلمية واقتصادية وطبية. 

تعود سمعة “سوق الليدو” لكونه يجاور جامعة محمد بن عبد الله  بمدينة فاس. وقد أخبرنا السيد حسن قريبع، رئيس جمعية “المعرفة” المسَيرة لسوق الكتب، وهو نفسه بائع هنا منذ 1994، أن السوق انطلقت عندما كان حوالي 10 باعة يفترشون الأرض في ساحة الجامعة لبيع بعض الكتب والمقررات الجامعية. سنة 1991، سيتم منحهم بقعة قرب قنطرة الليدو، وهناك سيتم بناء محلات سقفها من القصدير هي التي تعرف الآن بسوق الليدو، تُستعمل بها الطاقة الشمسية لإنارة الأكشاك.


يضم المكان على ما يبدو، وحسب رئيس الجمعية أزيد من 100 محلا، أصحابها من محبي القراءة وبعضهم من حاملي الإجازة أيضا. ولكن أقل من 30 كشكا هي التي لا زال أصحابها يغالبون الزمن ويرفضون تغيير حرفتهم. “لم يعد المغاربة يهتمون بالقراءة ولا بالكتاب.” قال أحد الباعة في عقده الخامس.
 أخبرنا المشرف على سوق الكتب أيضا أن أبناء الكثير من الباعة هنا فضلوا احتراف بيع الهواتف النقالة وغيرها، ورفضوا مهنة آبائهم لأنها لم تعد مربحة. فعلى سبيل المثال، كان مدخول المحل الواحد قديما يبلغ أحيانا 500 درهما يوميا، خصوصا في فترة الدخول المدرسي. أما حاليا، فقد تمر أيام وأيام دون أن يبيع الواحد منهم كتابا واحدا.
لقد احتفظ السوق لمدة عقود بسمعته كمصدر  وحيد من أجل اقتناء أمهات الكتب وأقدم المقررات الجامعية بالعاصمة العلمية. كان يرتاده الأساتذة والطلبة من جميع التخصصات وعشاق القراءة ومحبي الكتب المستعملة. يقول أحد الباعة أنهم ولسنوات عديدة، كانوا يشترون الكتب المستعملة من أسواق أخرى بالدار البيضاء كالقريعة ودرب غلف والبحيرة ومن معرض الكتب المستعملة الذي كان ينظم  بساحة سراغنة. ولكن بعد جائحة كورونا، تغيرت الأمور ولم يعد المعرض يُنظم.  ليضيف بائع آخر بنبرة حزينة: ” شخصيا، اقتنيت الكتب مرات عديدة من هنا عندما كنت طالبا. أما الآن، فإننا نجد أمهات الكتب مُحملة على الانترنت، ولم يعد أحد يستعمل الورق.”

يشكو الباعة من تراجع عدد الزوار خلال السنوات الأخيرة، حيث لا يكاد عددهم حاليا يتعدى 20 زائرا يوميا مقابل العشرات في ما مضى. كما اختلفت اهتمامات الشباب الزائر حاليا عما كانت عليه في السابق. فإذا كانت الفتيات يملن كثيرا إلى اقتناء الروايات، فإن الشباب يسألون عن كتب تعلم اللغتين الإنجليزية والألمانية، على حساب الفرنسية التي لم يعد يهتم بها أحد. 

تضم سوق الليدو ثروة معرفية، فكرية وأدبية وعلمية كبيرة وجب الاهتمام بها، فهي على حد قول بعض الطلبة والباعة تحتوي على كتب نادرة جدا، والأهم أن سعرها قليل جدا. غير أن عزوف المواطنين عن القراءة يشكل حجرة عثرة أمام جهود جمعية المعرفة التي تأمل أن يستعيد الكتاب مكانته السابقة كخير جليس، وترغب في تأهيل السوق من خلال تنظيم الباعة هناك والعناية بالكتب، خصوصا وأن الفضاء الذي يوجد فيه السوق يشكو من غياب بنية تحتية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى