قهوة فراج اسماعيل
نسخة الكرة الشاملة المغربية
لا يجب تحويل فرحتنا بالإنجاز التاريخي لمنتخب المغرب إلى أداة ضغط عليهم.
من حقنا أن نحلم بوصوله لنهائي كأس العالم بعد عبور محطة فرنسا يوم الأربعاء، لكن الواقعية هي سر الخلطة السحرية للمدرب الفذ وليد الركراكي، الذي أظنه خبيرا بالسياسة قدر خبرته الكبيرة بكرة القدم.
من فنون السياسة أن تأخذ الناس إلى الواقع. أن تقول لهم إنك تحلم بأن تصل إلى أبعد نقطة، لكن حتى لو اكتفيت بما وصلت إليه وهو في حد ذاته إعجاز لم يتوقعه أكثر المتفائلين، فذلك انتصار يدونه التاريخ في فصل طويل عريض.
الركراكي بتواضعه الجم ودماثة خلقه وقدراته الفنية يستطيع رفع أي ضغوط عن لاعبيه، بل وتصدير الضغوط إلى بطل كأس العالم في النسخة الماضية.
لعب منتخب المغرب 5 مباريات أوصلته إلى الدور قبل النهائي، سجل 5 أهداف واستقبل هدفا واحدا. فاز على 3 منتخبات مرشحة للبطولة، وهي بلجيكا وإسبانيا والبرتغال، وسيواجه فرنسا بطل العالم الذي بات الآن المرشح الأول بعد خروج البرازيل وانجلترا.
من هنا ستكون الضغوط أكبر على بطل العالم، وأعتقد أنهم يستشعرون القلق من استمرار المغامرة المغربية، وأنها قد تصيبهم في طريقها كما أصابت المنتخبات الثلاثة الكبرى.
الركراكي يجيد قراءة منافسيه، ومؤكد أنه قرأ بتمهل وحكمة منتخب فرنسا.
إنه لا يأخذ قراراته الفنية من الإعلام ولا من استديوهات التحليل، وإنما يأخذها بعينيه ومن خلال عيون مساعديه في عمل جماعي ديمقراطي، لا استئثار فيه لرأي دون آخر.
فرنسا ليس مبابي وحده رغم إمكانياته الكبيرة. إنه منتخب يلعب كرة جماعية تصل إلى المرمى من أقصر الطرق. لا يهتم بالاستحواذ وإنما باللدغات القاتلة كما فعل مع إنجلترا.
لكن دفاعه ليس محصنا، بل سهل الاختراق إذا هوجم بتمريرات سريعة من الجانبين والعمق وهو ما يجيده المنتخب المغربي بجميع خطوطه ما جعله مبتكرا للنسخة الجديدة المطورة للكرة الشاملة التي اخترع نسختها الأولى منتخب هولندا في عهد نجمها كرويف ومجموعة رفاقه من النجوم.
وإذا كان مخترعو النسخة الهولندية للكرة الشاملة فشلوا في التتويج بكأس العالم رغم أفضليتهم على كل المنتخبات وقتها، فإن النسخة المغربية تملك مؤهلات المضي بعيدا بما طوره الركراكي ونفذه في الميدان رفاق حكيم زياش وبوفال وأشرف حكيمي.