رهاب الاندفاع
أطلس توداي: فردوس الحيولي

كيف يفسر العلم تلك الأفكار الشريرة ؟
هل سبق وراودتك فكرة شريرة شعرت معها بالانزعاج، كأن تصفع أحدهم لا لسبب غير رغبة عابرة سيطرت على فكرك ؟ أتعلم أن هنالك أشخاصا يعيشون حياتهم اليومية في كدر بسبب أفكار مشابهة تراودهم طول الوقت ؟ ذلك لأنهم مصابون برهاب الاندفاع.
رهاب الاندفاع هو واحد من أنواع اضطرابات القلق الذي تسيطر فيه أفكار سوداوية بشكل متكرر على تفكير المصاب، ما يشعره أولا بخوف شديد من ارتكاب جرم أو فعل لا أخلاقي يؤذي به نفسه أو الآخرين، ثم بالخزي والعار لتفكيره بأفعال مشابهة. لكن هذه الأفكار لا ترجع في الواقع إلى رغبة حقيقية وواعية في القيام بها، بل هي لا إرادية تماما.
يسبب رهاب الاندفاع لدى المصاب به خوفا وقلقا بشكل مستمر من فقدان السيطرة وتطبيق ما تمليه عليه أفكاره، لكن الجدير بالذكر والتوضيح أن المصاب برهاب الاندفاع ليس أكثر عرضة لتطبيق فعل شرير راوده عن غيره من الأشخاص غير المصابين. أي أن رهاب الاندفاع يبقى مجرد أفكار حبيسة ذهن الشخص الذي لا ينتقل إلى الفعل بصفة عامة. لكن التفكير بأفعال شنيعة وشعور الخوف الدائمين يشكلان مصدر إزعاج وتوتر شديد يؤثر كثيرا على الحياة اليومية للمصاب.
مثلا قد تفكر أم مصابة في أذية طفلها فتشعر بالذنب والرعب من ذلك، كما قد يقلق شخص مصاب بشدة من إيذاء غيره إذا كان في المحطة وفكر في دفع أحدهم أمام القطار، أو ضربه أو طعنه حال شعوره بالغضب، أو ارتكاب فعل لا أخلاقي كسرقة شيء ما إذا كان يتجول في محل تجاري. وقد يخاف المصاب برهاب الاندفاع كذلك من أذية نفسه، فقد يفكر لا إراديا مثلا في حرق جلده إذا أمسك مكواة، أو أن يعرض نفسه للإحراج إذا فكر في الصراخ خلال اجتماع عمل مهم.
من المهم التذكير بأن رهاب الاندفاع ليس إلا أفكارا متطفلة تغزو ذهن المصاب الذي يشعر بالذنب والخجل والانهاك بمحاولته السيطرة عليها، وليس رغبة واعية وحقيقية في فعلها، ومع ذلك نادرا ما قد يقوم شخص بتطبيقها، لكن هذه الأفكار تبقى مصدر إزعاج وقلق لا بد معه من مراجعة مختص. ويشمل علاج رهاب الاندفاع العلاج السلوكي المعرفي أوالأدوية أو كلاهما حسب ما يمليه الطبيب المعالج.
يؤدي رهاب الاندفاع إلى زيادة مستويات الإجهاد والتوتر والقلق، مما يؤثر على الصحة العامة والعافية النفسية للشخص. ويؤثر هذا الشعور بالتوتر والضغط على الأداء العام للشخص سواء في العمل أو في الحياة اليومية، وقد يؤدي إلى تدني مستوى الإنتاجية والفاعلية. بشكل عام، يمكن القول إن رهاب الاندفاع يؤثر بشكل كبير على حياة الشخص المصاب به، ويمكن أن يؤدي إلى مشاكل نفسية واجتماعية كبيرة. لذا، فإن البحث عن العلاج والمساعدة اللازمة لهذا النوع من الرهاب يعد أمراً ضرورياً.