ثقافة وفنون

حين تطغى التفاهة والرداءة على الكفاءة فانتظري الساعة يا فنون

أطلس توداي : فاطمة أعنوز

ترى، ماذا عساني ان أذكر؟ أو بالأحرى ماذا عساني أن أتجاهل ؟ في زمن كثرت فيه فرص النجومية و باتت أبوابها مشرعة في وجه كل من هب ودب. كل مؤهلاتهم عدد المشاهدات و المتابعين على مواقع التواصل الاجتماعي.
أصبحنا في المواسم التلفزية الأخيرة و الاعلانات التجارية للشركات الكبيرة نتفاجأ بوجوه جديدة في أدوار البطولة ،و على واجهة الملصقات، لا لشيء سوى أنها نالت حظها من المتابعين و المشاهدين، لتفاهاتهم و تجردهم من قيم المجتمع و أخلاقياته، وجوه او بمعنى أدق واجهات لتمرير رسائل هابطة و أفكار ساقطة الغرض منها طمس الهوية الثقافية، و الزج بالكفاءات و الطاقات الصاعدة، في رفوف النسيان، و القذف برموز الفن و الشاشة الصغيرة في سلة المهملات.

ولعل ما أصبحنا نسمعه و نشهده، كل يوم عن هامات فنية و ثقافية تعيش حالة التهميش، في صمت وعن حالات رموز تربينا على أعمالهم تتعرض للطرد من السكن و آخرون لا يقدرون على توفير لقمة العيش، خير مثال على ذلك. و في المقابل، رقصة مائعة أو نكتة سخيفة ساقطة على “تيك توك” ترفع صاحبها الى أعلى مراتب النجومية والثراء الفاحش .
أتحسر كلما سنحت لي الفرصة للقاء أحد الكفاءات الصاعدة، التي تشق طريقها بالجد و الكد، ثم لا تنال فرصتها في إظهار مواهبها على شاشة الشعب. أجل شاشة التلفزة هي ملك عام للشعب ومن حق المشاهد الاستماع و الإنتفاع، بما يبث من برامج أو إشهارات أو أخبار او حتى أفلام و مسلسلات .
كنت قد تعرفت في الآونة الأخيرة إلى موهبة فنية و كفاءة شابة أثبتت جدارتها على عدة مستويات . فنان مسرحي و ممثل سينمائي شارك في عدة أفلام، حائز على ثمان وعشرين جائزة كأحسن ممثل في مهرجانات دولية و وطنية، من خلال أفلام دولية قصيرة، قام ببطولة أزيد من خمسة عشر فيلما سينمائيا قصيرا. شارك في أعمال أجنبية منها فيلم “الحركيين” للمخرج الفرنسي فيليب فوكو والذي عرض في مهرجاني كان و مراكش الدوليين و فيلم “البطل” للمخرج الايطالي ماتيو ݣيرون.
ممثل مسرحي أخذ أصول المسرح إثر ورشات تكوينية على أعلى مستوى.
رشيد العماري، شاب مثقف حائز على خمس جوائز في الزجل من خلال ديوانين تحث عنوان “داوي مع راسي” و ” شوية من بزاف”.
كل هذا وحين يتعلق الأمر بالاعمال التلفزية، نجده قليل الظهور ليس عن تفريط منه أو عزوف و إنما بإقصاء يكاد يكون متعمدا. لكن متى عرف السبب بطل العجب، فالتوجه العام لقنواتنا التلفزية هو التشجيع ع

لى كل ما من شأنه تكريس واقع التفاهة و الهبوط. وليس من سبيل لولوج منصاتها سوى منفذان : إما المحسوبية أو ما يصطلح عليه بالعاميه “باك صاحبي” و إما عدد المشاهدات أو ما يعرف بالبوز.
كنت قد تطرقت في حوار صحفي مع الفنان رشيد العماري الى هذا الباب فأبرز حدة الوضع من خلال تجربته الشخصية، حيث أفاد أنه كلما تقدم لمباراة تشخيص ” كاستينغ” لعمل تلفزي يكون الرد بأنه قد تم الانتقاء مسبقا و يتم رفضه قبل الأداء. ثم يتفاجأ كما هو الحال بالنسبة لنا بظهور وجوه من التي سلف ذكرها.

رشيد العماري، و غيره كثير، هو نموذج للشباب المثقف المكافح الذين يطالهم التعتيم و التهميش لحساب أشخاص معينين وأغراض تفوق مستوى الإدراك وكأن الأمر برمته ضرب من عالم الميتافيزيقا.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى